للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِمَا وَقَعَ فِيهَا مِنْ الشُّرُوطِ مُطْلَقًا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُسْتَوِيَةَ الْأَجْزَاء كَانَتْ قِسْمَتُهَا تَعْدِيلًا أَوْ رَدًّا وَكِلَاهُمَا بَيْعٌ، فَإِذَا شُرِطَ فِيهَا تَقْدِيمٌ أَوْ تَأْخِيرٌ أَوْ زَرْعٌ فَقَطْ وَكَانَ ذَلِكَ يُنَافِي مُقْتَضَاهَا بَطَلَ وَأَبْطَلَهَا وَإِلَّا فَلَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(سُئِلَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -) لَوْ كَانَ النَّهْرُ الْأَصْلِيُّ الْمَمْلُوكُ يَتَفَرَّعُ مِنْهُ سَوَاقٍ تَنْقَسِمُ عَلَى أَرَاضٍ فَارْتَوَى أَحَدُهُمْ أَيْ أَحَدُ أَهْلِ السَّوَاقِي الْمُتَفَرِّعَةِ قَبْلَ شَرِيكِهِ فَهَلْ يَجِبُ عَلَى الْمُرْتَوِي صَرْفُ الْمَاءِ إلَى شَرِيكِهِ فِي الْفَرْعِ أَوْ لَهُ صَرْفُهُ كَيْفَ شَاءَ؟ فَإِنْ قُلْتُمْ: يَجِبُ الصَّرْفُ إلَى الشَّرِيكِ وَاحْتَاجَ صَرْفُ الْمَاءِ إلَى كُلْفَةٍ وَمُؤْنَةٍ فَهَلْ ذَلِكَ عَلَى الْمُرْتَوِي أَوْ عَلَى الْمَصْرُوفِ إلَيْهِ إلَيْهِ وَإِذَا ارْتَوَى جَمِيعُ الْمُتَفَرِّعِينَ عَنْ النَّهْرِ الْأَصْلِيِّ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِمْ صَرْفُ مَا أَخَذُوهُ مِنْ الْمَاءِ إلَى النَّهْرِ الْأَصْلِيِّ أَمْ لَهُمْ صَرْفُهُ كَيْفَ أَرَادُوا؟ فَإِنْ قُلْتُمْ بِصَرْفِهِ إلَى النَّهْرِ الْأَصْلِيِّ فَهَلْ يَجِبُ صَرْفُهُ عَلَى الْمُتَقَدِّمِ أَمْ عَلَى الْمُتَأَخِّرِ أَمْ عَلَى الْجَمِيعِ أَمْ عَلَى مَنْ تَضَرَّرَ بِالْمَاءِ أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْمَاءِ الْمُبَاحِ وَغَيْرِهِ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُرْتَوِي صَرْفُ الْمَاءِ إلَى مَنْ بَعْدَهُ فِي السَّقْيِ، وَإِنَّمَا الَّذِي يَلْزَمُهُ التَّخْلِيَةُ بَيْنَ مَنْ بَعْدَهُ وَبَيْنَ الْمَاءِ الَّذِي اسْتَحَقَّ مَنْ بَعْدَهُ سَقْيُ أَرْضِهِ مِنْهُ فَحِينَئِذٍ إذَا احْتَاجَ إلَى مُؤْنَةٍ وَكُلْفَةٍ كَانَتْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ بِهَذَا الْمَاءِ حِينَئِذٍ خَاصَّةٌ بِهِ وَلَيْسَ عَلَى مَنْ ارْتَوَى إلَّا التَّمْكِينُ فَقَطْ.

وَعَدَمُ التَّصَرُّفِ فِي الْمَاءِ بِمَا يَضُرُّ مَنْ اسْتَحَقَّ السَّقْيَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا فَرَغَتْ حَاجَتُهُ مِنْهُ صَارَ مُسْتَحَقًّا لِلْغَيْرِ، وَمَا اسْتَحَقَّهُ الْغَيْرُ لَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِمَا يَضُرُّ ذَلِكَ الْغَيْرَ، وَإِذَا ارْتَوَى جَمِيعُ الْمُتَفَرِّعِينَ عَنْ النَّهْرِ الْأَصْلِيِّ فَتَارَةً يَكُونُ مَاءُ النَّهْرِ مُبَاحًا وَتَارَةً يَكُونُ مَمْلُوكًا لَهُمْ فَإِنْ كَانَ مَمْلُوكًا لَهُمْ فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا يَصِلُ إلَى أَرْضِ كُلٍّ مِنْهُمْ بِالْقِسْمَةِ يَمْلِكُهُ مِلْكًا مُقَيَّدًا قَبْلَ اسْتِغْنَاءِ مَنْ بَعْدَهُ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ الشُّرْبَ مِنْ أَرْضِهِ وَمُطْلَقًا بَعْدَ اسْتِغْنَاءِ مَنْ بَعْدَهُ، وَإِذَا مَلَكَهُ مِلْكًا مُطْلَقًا جَازَ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ كَيْفَ شَاءَ؟ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ إلَى النَّهْرِ أَيْضًا، نَعَمْ إنْ اُعْتِيدَ رَدُّهُ إلَى النَّهْرِ الْمُبَاحِ أَوْ الْمَمْلُوكِ لِيَكُونَ مَحْفُوظًا فِيهِ إلَى الِارْتِوَاءِ مِنْهُ لِشُرَكَائِهِ ثَانِيًا حُرِّمَ عَلَيْهِ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِمَا يَمْنَعُ رَدَّهُ إلَى النَّهْرِ وَلَمْ يَلْزَمْهُ الرَّدُّ إلَيْهِ، بَلْ التَّخْلِيَةُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَدِّهِ إلَيْهِ وَمَرَّ فِي الْجَوَابِ الْحَادِي وَالثَّلَاثِينَ أَنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبه مِنْ مَاءٍ مُبَاحٍ أَوْ مَمْلُوكٍ عَلَى مَا مَرَّ فِيهِ وَيَسْقِي بِهِ أَرْضًا لَيْسَ لَهَا رَسْمُ شُرْبٍ مِنْ هَذَا النَّهْرِ مُنِعَ فَلَا يَغِبْ عَنْك اسْتِحْضَارُ ذَلِكَ هُنَا فَمَحِلُّ تَصَرُّفِهِ فِيهِ هُنَا كَيْف شَاءَ مَا لَمْ يَصْرِفْهُ لِأَرْضٍ لَيْسَ لَهَا رَسْمُ شُرْبٍ مِنْ هَذَا النَّهْرِ وَإِلَّا مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ؛ لِمَا مَرَّ ثَمَّ مَبْسُوطًا مَثَلًا وَلَوْ كَانَ الْمَاءُ مَمْلُوكًا لِوَاحِدٍ وَأَبَاحَ لِآخَرَ السَّقْيَ مِنْهُ أَوْ أَعَارَهُ لَهُ بِطَرِيقِهِ بِأَنْ أَعَارَهُ مَحِلَّ نَبْعِهِ جَازَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ أَيْضًا كَيْفَ شَاءَ مَا لَمْ يَرْجِعْ الْمُبِيحُ أَوْ الْمُعِيرُ، أَمَّا إذَا رَجَعَ فَيَلْزَمُهُ رَدُّهُ إلَيْهِ وَالْمُؤْنَةُ عَلَيْهِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْمُسْتَعِيرِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) لَوْ وَجَدْنَا سَاقِيَةً يَتَفَرَّعُ مِنْهَا فُرُوعٌ بَعْضُهَا فِي بَطْنِهَا بِنَاءٌ بِالْحِجَارَةِ كَالثُّقْبِ فِي الْخَشَبَةِ مَثَلًا وَبَعْضُهَا أَيْ: الْفُرُوعُ خَالِيَةٌ عَنْ الْبِنَاءِ فَطَلَبَ الَّذِي فِي بَطْنِ سَاقِيَتِهِ الْبِنَاءُ بَقِيَّةَ شُرَكَائِهِ أَيْ أَهْلَ الْفُرُوعِ الَّذِينَ لَا بِنَاءَ فِي سَوَاقِيهِمْ أَنْ يَبْنُوا مِثْلَهُ فَهَلْ يُجْبَرُونَ حَيْثُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِمْ سِوَى كُلْفَةِ الْبِنَاءِ أَمْ لَا لَا وَلَوْ حَصَلَ الطَّلَبُ مِنْ أَحَدِ الَّذِينَ لَا بِنَاءَ عَلَيْهِمْ فِي سَوَاقِيهِمْ وَطَلَبَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا هَلْ يُجْبَرُ عَلَيْهِ الْمُمْتَنِعُ حَيْثُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْمَطْلُوبِ مِنْهُ أَمْ لَا؟ وَفَائِدَةُ الْبِنَاءِ الْفِرَارُ مِنْ أَنْ يَخْفِضَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ أَرْضَهُ وَالسَّاقِيَةَ الَّتِي يَجْرِي فِيهَا الْمَاءُ فَيَفُوزَ بِكُلِّ الْمَاءِ أَوْ أَكْثَرِهِ دُونَ شُرَكَائِهِ. وَبِالْبِنَاءِ يَزُولُ الْمَحْذُورُ فِي ذَلِكَ؟

(فَأَجَابَ) : بِأَنَّا حَيْثُ وَجَدْنَا بَعْضَ الْفُرُوعِ فِي بَاطِنِهِ بِنَاءٌ بِالْحِجَارَةِ وَبَعْضُهَا لَيْسَ كَذَلِكَ وَلَا نَدْرِي هَلْ وُضِعَ كُلٌّ مِنْ ذَلِكَ كَذَلِكَ فِي الِابْتِدَاءِ أَوْ لَا؟ حَكَمْنَا بِحَقِّيَّةِ كُلِّ سَاقِيَةٍ أَوْ فَرْعٍ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ.

وَلَا يُجَابُ مَنْ طَلَبَ اسْتِوَاءَهَا فِي الْبِنَاءِ أَوْ عَدَمِهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ فِي كُلِّ مَوْضُوعٍ لَا يُعْلَمُ أَصْلُهُ أَنَّهُ وُضِعَ بِحَقٍّ فَلَا يُجَابُ مَنْ طَلَبَ تَغْيِيرَهُ عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ أَكَانَ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ أَمْ لَا، وَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّ أَحَدَهُمْ قَدْ يَخْفِضُ أَرْضَهُ وَسَاقِيَتَهُ فَيَفُوزُ بِكُلِّ الْمَاءِ أَوْ أَكْثَرِهِ وَلَا إلَى أَنَّ الْبِنَاءَ يُزِيلُ هَذَا الْمَحْذُورَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ فِعْلِ ذَلِكَ وَعَلَى تَقْدِيرِهِ فَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ مُتَمَكِّنٌ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>