رَفْعِ الْفَاعِلِ إلَى الْحَاكِمِ لِيَمْنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ.
. (وَسُئِلَ) لَوْ أَرَادَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَهُ مِنْ هَذَا الْمَاءِ الْمُبَاحِ وَيَسْقِيَ بِهِ أَرْضًا لَيْسَ لَهَا رَسْمُ شُرْبٍ مِنْ هَذَا النَّهْرِ الْمَمْلُوكِ أَوْ يُحْيِيَ تَحْتَهَا مَوَاتًا وَيَسْقِيَ مَا أَحْيَاهُ بِمَا صَارَ إلَيْهِ مِنْ هَذَا الْمَاءِ هَلْ لَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ ثَمَّ مَنْ يَحْتَاجُ لِفَاضِلِ الْمَاءِ أَمْ لَا؟ وَلَوْ كَانَ يَحْتَاجُهُ فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ فَمَا حُكْمُهُ؟ وَقَوْلُ الْإِرْشَادِ لَا حَادِثَ ضَيِّقٌ يُشِيرُ إلَى الْجَوَازِ عِنْدَ عَدَمِ الضِّيقِ وَمَا الْمُرَادُ مِنْ هَذَا الضِّيقِ الْمَانِعِ مِنْ سَقْيِ الْحَادِثِ؟ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ الرَّوْضَةِ وَلَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمْ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَهُ مِنْ الْمَاءِ وَيَسْقِيَ بِهِ أَرْضًا لَيْسَ لَهَا رَسْمُ شُرْبٍ مِنْ هَذَا النَّهْرِ مُنِعَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ يَجْعَلُ لَهَا شُرْبًا لَمْ يَكُنْ اهـ.
قَالَ السَّمْهُودِيُّ فِي فَتَاوِيهِ: وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ زَادَ فِي الْأَرْضِ الَّتِي لَهَا رَسْمُ شُرْبٍ مِنْ هَذَا النَّهْرِ مُنِعَ؛ لِأَنَّهُ يَجْعَلُ لِتِلْكَ الزِّيَادَةِ شُرْبًا لَمْ يَكُنْ، لَكِنْ قَدْ يَكُونُ الْمَاءُ الْجَارِي فِي النَّهْرِ وَاسِعًا فَإِنْ مَنَعْنَاهُ أَضْرَرْنَا بِهِ، وَإِنْ تَرَكْنَاهُ يُحْيِي وَيَسْقِي أَضْرَرْنَا بِشُرَكَائِهِ إذَا حَكَمْنَا عِنْدَ التَّنَازُعِ بِأَنَّ لَهَا شُرْبًا لَمْ يَكُنْ، وَيُجْعَلُ الْمِلْكُ فِي النَّهْرِ عَلَى قَدْرِ الْأَرْضَيْنِ عِنْدَ طُولِ الزَّمَانِ وَانْدِرَاسِ الْحُقُوقِ وَهَلْ يُفَرَّقُ بَيْنَ النَّهْرِ وَالْمَاءِ الْمَمْلُوكَيْنِ وَالْمُبَاحَيْنِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ أَوْ شَيْءٍ مِنْهُ أَمْ لَا؟ أَفْتُونَا مَأْجُورِينَ؟
(فَأَجَابَ) : قَدْ مَرَّ الْجَوَابُ مَبْسُوطًا آخِرَ الْجَوَابِ الْحَادِي وَالثَّلَاثِينَ فَلَا نُطِيلُ بِذِكْرِهِ هُنَا، وَكَانَ الْأَنْسَبُ تَأْخِيرَهُ إلَى هُنَا لَكِنَّهُ عِنْدَ كِتَابَتِهِ ثَمَّ لَمْ أَدْرِ أَنَّكُمْ أَفْرَدْتُمُوهُ بِسُؤَالٍ مُسْتَقِلٍّ، وَحَاصِلُ الَّذِي مَرَّ ثَمَّ أَنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَهُ مِنْ النَّهْرِ الْمَمْلُوكِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ سِيَاقُ عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ وَيَسْقِي بِهِ أَرْضًا أُخْرَى لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ لَيْسَ لَهَا رَسْمُ شُرْبٍ مِنْ ذَلِكَ النَّهْرِ مُنِعَ، وَكَذَا لَوْ أَرَادَ أَنْ يُحْيِيَ تَحْتَ أَرْضِهِ مَوَاتًا وَيَسْقِيَهُ بِمَا صَارَ إلَيْهِ مِنْ هَذَا الْمَاءِ فَيُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا، أَمَّا لَوْ أَرَادَ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ مِنْ نَهْرٍ مُبَاحٍ فَإِنْ كَانَ يُضَيِّقُ بِهِ عَلَى مَنْ اسْتَحَقُّوا الشُّرْبَ مِنْهُ مُنِعَ وَإِلَّا فَلَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ فِي مَسْأَلَةِ الْإِحْيَاءِ وَتَبِعَهُ فِي الْإِرْشَادِ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ، وَمُنَازَعَةُ الْأَذْرَعِيِّ فِي تَصْرِيحِ الرُّويَانِيِّ بِذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ غَيْرِ الْإِحْيَاءِ رَدَدْتهَا ثَمَّ بِكَلَامِ الرَّوْضَةِ فِي مَسْأَلَةِ الْإِحْيَاءِ، وَالْمُرَادُ بِالضِّيقِ الْمَانِعِ مِنْ إحْدَاثِ الْإِحْيَاء أَنْ لَا يَكُونَ الْمَاءُ يَفِي بِالْحَادِثِ مَعَ الْقُدَمَاءِ، أَمَّا إذَا كَانَ يَفِي بِالْجَمِيعِ أَيْ: بِقَدْرِ حَاجَاتِهِمْ الْمُخْتَلِفَةِ بِاخْتِلَافِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَأَنْوَاعِ الْمَزْرُوعَاتِ وَالْمَغْرُوسَاتِ فَلَا يُمْنَعُ الْحَادِثُ مِنْ الْإِحْيَاءِ، بَلْ يَسْقِي كُلَّ مَا شَاءَ مَتَى شَاءَ، وَمَا ذَكَرَهُ السَّمْهُودِيُّ أَنَّهُ يُسْتَفَادُ مِنْ عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ صَحِيحٌ، وَقَوْلُ السَّائِلِ: لَكِنْ قَدْ يَكُونُ الْمَاءُ الْجَارِي إلَخْ جَوَابُهُ: أَنَّهُ لَا نَظَرَ لِسَعَتِهِ حَيْثُ أَضَرَّتْ بِشُرَكَائِهِ وَلَوْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ عِنْدَ كَوْنِ النَّهْرِ مَمْلُوكًا لَهُمْ
أَمَّا عِنْدَ كَوْنِهِ مُبَاحًا فَيُنْظَرُ إلَى سَعَتِهِ وَضِيقِهِ كَمَا مَرَّ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
وَسُئِلَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -) عَنْ أَهْلِ بَلْدَةٍ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَعِظَهُمْ أَحَدٌ مِنْ عُلَمَاءِ زَمَانِهِمْ، فَقَالَ حَاكِمُ تِلْكَ الْبَلْدَةِ: إنِّي لَا آذَنُ لَكُمْ أَنْ يَعِظَكُمْ الرَّجُلُ الْعَالِمُ لِأَجْلِ الْخُصُومَةِ الْوَاقِعَةِ بَيْنِي وَبَيْنَهُ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ الْحَاكِمُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ وَهَلْ يَجُوزُ لِلْعَالِمِ أَنْ يَعِظَ النَّاسَ بِدُونِ إذْنِ الْحَاكِمِ أَوْ هَلْ يَجُوزُ لِأَهْلِ الْبَلْدَةِ أَنْ يَتَّعِظُوا بِدُونِ إذْنِ الْحَاكِمِ حِينَ يُخَالِفُ الْحَاكِمُ لِخُصُومَتِهِ؟
(فَأَجَابَ) : إنْ كَانَ فِيمَنْ يُرِيدُ وَعْظَ النَّاسِ أَهْلِيَّةٌ لِذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ يَسْلُكُ مَا يَسْلُكُ وُعَّاظُ هَذَا الزَّمَنِ مِنْ الْأَحَادِيثِ الْبَاطِلَةِ الْمَوْضُوعَةِ وَالْقِصَصِ الْكَاذِبَةِ، وَكَانَ يَجْلِسُ لِذَلِكَ فِي بَيْتِهِ أَوْ مَسْجِدٍ صَغِيرٍ وَلَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى وَعْظِهِ فِتْنَةٌ جَازَ لَهُ الْوَعْظُ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْحَاكِمِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَهْلِيَّةٌ لِلْوَعْظِ بِأَنْ لَمْ يُحْسِنْ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ الْفِقْهِ وَالتَّفْسِيرِ وَالْحَدِيثِ وَإِلَّا نَهَاهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْوَعْظُ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْحَاكِمُ، نَعَمْ إنْ كَانَ يَعِظُ مِنْ كِتَابٍ مَوْثُوقٍ كَالْإِحْيَاءِ لَلْغَزَالِيِّ، وَلَمْ يَكُنْ يَلْحَنُ فِيمَا يَقْرَؤُهُ مِنْ الْأَحَادِيثِ جَازَ لَهُ أَنْ يَعِظَ النَّاسَ مِنْ ذَلِكَ الْكِتَابِ.
وَأَمَّا إذَا كَانَ يَذْكُرُ فِي وَعْظِهِ شَيْئًا مِنْ الْكُتُبِ الْبَاطِلَةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْأَحَادِيثِ أَوْ الْقِصَصِ الْكَاذِبَةِ فَيَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ أَصْلَحَهُ اللَّهُ مَنْعُهُ وَزَجْرُهُ زَجْرًا يَلِيق بِهِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ فِيهِ أَهْلِيَّةٌ كَمَا ذُكِرَ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي وَعْظِهِ شَيْئًا مِمَّا ذُكِرَ وَأَرَادَ الْجُلُوسَ لِذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute