للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِبَكْرٍ إلَّا خَمْسَةَ أَسْهُمٍ وَلِعَمْرٍو إلَّا خَمْسَة أَسْهُم وَأَبْقَيَا سَهْمَيْ أَوْلَادِ زَيْدٍ لَهُمْ، ثُمَّ تَرَدَّدَا فِي أَنَّ الْعَشَرَة الصَّائِرَة لِعَمْرٍو هَلْ يَخْتَصُّ بِهَا أَوْلَادُهُ أَوَّلًا وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ عَنْ ذَلِكَ فِي الْبَابِ الثَّانِي فَإِنْ قُلْت مَا وَجْهُ الِاحْتِمَالِ الَّذِي أَبْدَيَاهُ فِي مَوْتِ بَكْرٍ مِنْ غَيْرِ وَلَدٍ قُلْت: لِأَنَّهُ جَرَى خِلَافٌ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي أَنَّ الْعَطْفَ بِثُمَّ هَلْ يَقْتَضِي التَّرْتِيب فِي الْأَفْرَادِ وَالْجُمَلِ أَوْ لَا؟ وَسَيَأْتِي إشَارَةٌ إلَيْهِ، وَإِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ لَك وَبَانَ أَنَّ كَلَامَ الرُّويَانِيِّ وَوَالِده وَهُمَا مَنْ هُمَا صَرِيحٌ فِي انْتِقَالِ نَصِيب الْمَيِّتَةِ لِبِنْتِهَا فِي مَسْأَلَتِنَا وَالْفَرْع لِأَصِلْهُ فِي مَسْأَلَته فَاقْضِ حِينَئِذٍ عَلَى مَنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ بِأَنَّهُ لَمْ يَطَّلِع فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَة عَلَى هَذَا النَّقْل الصَّحِيح الصَّرِيح؛ إذْ لَوْ اطَّلَعُوا عَلَيْهِ لَمْ يَسَعْهُمْ مُخَالَفَته؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ أَجِلَّاء أَصْحَابنَا، وَإِذَا جَزَمَ شَخْصَانِ مِنْ أَجِلَّاءِ الْأَصْحَابِ بِحُكْمٍ.

وَأَقَرَّهُمَا مِثْل الْأَذْرَعِيُّ عَلَيْهِ وَنَبَّهَ عَلَى أَنَّ هَذَا يَحْتَاج إلَيْهِ كَثِيرًا فِي الْفَتَاوَى وَأَشَارَ إلَى الْعَمَل بِهِ فِيهَا وَلَمْ يَرِد فِي كَلَام الْأَصْحَاب وَلَا فِي قَوَاعِدهمْ مَا يُخَالِفهُ، بَلْ كَلَامُهُمْ فِي أَمَاكِنَ وَكَلَامُ مَنْ بَعْدَهُمْ فِي أَمَاكِنَ دَالٌّ عَلَيْهِ كَمَا يَأْتِي بَسْطُهُ فَلَا سَبِيلَ لِمَنْ لَمْ يَصِلْ إلَى مَرْتَبَتِهِمْ أَنْ يَذْهَبَ إلَى خِلَافِهِ، وَكَلَامُ الْمُتَأَخِّرِينَ الْمُوَافِقُ لِكَلَامِهِمَا وَالْمُخَالِفُ لَهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُمْ لَمْ يَطَّلِعُوا عَلَى نَقْلٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَمَا سَيَظْهَرُ لَك ذَلِكَ مِنْ كَلَامهمْ الْآتِي سِيَّمَا كَلَامُ السُّبْكِيّ وَأَبِي زُرْعَةَ.

وَكَذَلِكَ كَلَام شَيْخِنَا شَيْخِ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا فَإِنَّهُ لَمَّا قَالَ تَبَعًا لِلزَّرْكَشِيِّ أَنَّ الْوَلَدَ لَا يَسْتَحِقُّ قَالَ خِلَافًا لِأَبِي زُرْعَةَ فَعُدُولُهُ لِذَلِكَ عَنْ قَوْله خِلَافًا لِلرُّويَانِيِّ وَوَالِده صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى كَلَامهمَا فَإِنْ قُلْت كَيْف ذَلِكَ وَهُوَ فِي تَوَسُّطِ الْأَذْرَعِيِّ، وَهَذَا الْكِتَاب نُصْبَ عَيْنَيْ الزَّرْكَشِيّ وَالشَّيْخِ سِيَّمَا الزَّرْكَشِيُّ فَإِنَّهُ مَادَّةُ خَادِمِهِ إلَّا الْفَذَّ الْفَاذَّ قُلْت هُوَ فِي غَيْرِ مَظِنَّتِهِ وَلَئِنْ سَلَّمَ فَهُوَ لَمْ يَسُقْ فِيهِ لِبَيَانِ حُكْمِ مَفْهُومِ هَذَا الشَّرْطِ، وَإِنَّمَا الَّذِي يُفْهَم بِبَادِي الرَّأْي أَنَّهُ مَسُوقٌ لِبَيَانِ التَّسَاوِي فِي الصُّورَة الْأَخِيرَة فِيهِ الْآتِي حُكْمهَا مَبْسُوطًا فِي الْبَابِ الثَّانِي.

فَفَهِمَ الزَّرْكَشِيّ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْهُ ذَلِكَ وَلَمْ يُمْعِنَا النَّظَرَ فِيهِ فَفَاتَهُمَا مَا فِي أَثْنَائِهِ مِنْ التَّصْرِيح بِحُكْمِ هَذِهِ الْمَسْأَلَة الَّتِي أَشْكَلَتْ عَلَى كَثِير مِنْهُمْ وَطَالَ النِّزَاع فِيهَا بَيْنهمْ وَمِمَّا يَدُلُّكَ عَلَى ذَلِكَ أَنَّك إذَا سَبَرْتَ كَلَام الْمُتَأَخِّرِينَ رَأَيْتهمْ فِي مِثْل هَذِهِ الْمَحَالِّ الَّتِي يَقَع فِيهَا النِّزَاع بَيْنهمْ يَفِرُّونَ إلَى الِاسْتِدْلَالِ بِكَلَامِ مَنْ هُوَ دُون هَذَيْنِ الْحَبْرَيْنِ، فَعُدُولُ كُلٍّ مِنْهُمْ عَنْ ذَلِكَ إلَى نَصْبِ الْخِلَاف مَعَ أَهْلِ عَصْرِهِ أَوْ مَنْ قَرُبَ مِنْهُمْ يُؤَكِّد الْقَطْعَ بِأَنَّهُمْ لَمْ يَظْفَرُوا فِي الْمَسْأَلَة بِنَقْلٍ أَلْبَتَّةَ وَإِنَّمَا تَكَلَّمُوا فِيهَا بِحَسَبِ مَا ظَهَرَ لَهُمْ، فَإِذَا وُجِدَ نَقْلٌ تَأَيَّدَ بِهِ كَلَامُ الْمُوَافِقِ وَرُدَّ بِهِ كَلَامُ الْمُخَالِفِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ لَمْ يُخَالِفْهُ وَعَلَى تَقْدِيرِ مُخَالَفَتِهِ فَلَا تُسْمَع مِنْهُ إلَّا بِدَلِيلٍ.

وَسَيَأْتِي أَنَّ الْأَدِلَّةَ مُتَظَافِرَةٌ عَلَى مَا قَالَاهُ. الْوَجْهُ الثَّانِي فِي بَيَانِ مَنْ وَافَقَ كَلَامُهُ كَلَامَهُمَا مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ غَيْرِ اطِّلَاعٍ عَلَيْهِ فَمِنْ هَؤُلَاءِ بَلْ أَجَلُّهُمْ السُّبْكِيّ عَلَى مَا يَأْتِي فَإِنَّهُ أَفْتَى بِمَا يُوَافِق ذَلِكَ، وَإِنْ أَفْتَى أَيْضًا بِمَا قَدْ يُخَالِفهُ كَمَا يَأْتِي فِي الْوَجْهِ الثَّالِثِ.

وَبَيَانُ كَوْنِهِ أَفْتَى بِمَا يُوَافِقُ كَلَامَهُمَا أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَرْيَةٍ مَوْقُوفَةٍ عَلَى شَخْصٍ مُعَيَّن أَيَّامَ حَيَّاته وَعَلَى أَوْلَادِهِ مِنْ بَعْدِهِ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، فَمَنْ مَاتَ مِنْ أَوْلَادِهِ الذُّكُورِ وَلَمْ يُخَلِّفْ وَلَدًا أَوْ وَلَدَ وَلَدٍ وَلَا لَهُ عَقِبٌ وَلَا نَسْلٌ كَانَ نَصِيبه عَائِدًا عَلَى إخْوَتِهِ وَأَخَوَاته الْبَاقِينَ بَعْده الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فِيهِ سَوَاء يَجْرِي فِيهِ ذَلِكَ كَذَلِكَ قَرْنًا بَعْد قَرْنٍ، وَلَيْسَ لِأَوْلَادِ الْبَنَات اللَّوَاتِي لَا يَرْجِعُونَ لِأَنْسَابِ آبَائِهِمْ إلَى الْمَوْقُوف عَلَيْهِ أَوَّلًا شَيْء مِنْ هَذِهِ الصَّدَقَةِ مَعَ مَنْ يُرْجَعُ بِنَسَبِهِ إلَيْهِ.

فَإِذَا انْقَرَضَ عَقِبه جَمِيعه كَانَتْ هَذِهِ الصَّدَقَةُ عَلَى أَوْلَادِ الْبَنَاتِ اللَّوَاتِي يَرْجِعْنَ بِأَنْسَابِ آبَائِهِمْ إلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ قَالَ: فَإِذَا انْقَرَضُوا رَجَعَتْ هَذِهِ الصَّدَقَة لِلْفُقَرَاءِ، وَقَدْ بَقِيَتْ لِأَوْلَادِ الْمَوْجُودِينَ مِنْ نَسْلِ الْمَوْقُوف عَلَيْهِ أَوْلَادُ حَفْصَةَ بِنْت زَيْنَبَ بِنْت حَلِيمَةَ بِنْت الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَوَّلًا، فَهَلْ تَسْتَحِقُّ جَمِيعَ الْوَقْفِ أَوْ لَا؟ وَهَلْ يَسْتَحِقُّ مَنْ شَرَطَهُ لَهُ بَعْد عَدَمِ مَنْ يُنْسَبُ إلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَوْ لَا مَعَ عَدَمِ وُجُود هَذِهِ أَمْ لَا؟

فَأَجَابَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِقَوْلِهِ هَذَا اللَّفْظُ إذَا أُخِذَ مَدْلُولُهُ فَقَطْ عَلَى مَا تَضَمَّنَهُ هَذَا الِاسْتِفْتَاء فِيهِ انْقِطَاع فِي وَسَطِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ حُكْم مَا إذَا مَاتَ

<<  <  ج: ص:  >  >>