للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَوْلَادُ وَخَلَّفُوا أَوْلَادًا وَلَا حُكْمَ مَا إذَا مَاتَ أَوْلَادُ الْأَوْلَادِ وَخَلَّفُوا أَوْلَادًا فَيَتَطَرَّقُ إلَيْهِ خِلَافٌ فِي أَنَّ أَوْلَادَهُمْ يَسْتَحِقُّونَ أَوْ يَكُونُ مُنْقَطِع الْوَسَط. وَالْأَوْلَى عِنْدِي فِي مِثْلِ هَذِهِ الصُّورَةِ الْخَاصَّةِ الِاسْتِحْقَاق بِتَأْوِيلِ اللَّفْظِ الْمُتَقَدِّمِ كَيْ لَا يَنْقَطِعَ وَعَلَى هَذَا تَسْتَحِقُّ حَفْصَةُ الْمَذْكُورَةُ إذَا ثَبَتَ انْحِصَار النَّسْلِ فِيهَا. وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ لَا يَسْتَحِقُّ الْمَشْرُوط الْمَوْجُود بَعْدَهُمْ وَلَا نَسْله شَيْءٌ مَعَ وُجُودهَا اهـ. كَلَامُهُ فَقَوْلُهُ وَالْأَوْلَى عِنْدِي إلَخْ صَرِيح فِي مُوَافَقَتِهِمَا فِيمَا مَرَّ مِنْ اسْتِحْقَاق وَلَدِ الْبِنْتِ دُون مَنْ فِي دَرَجَتِهِ فَتَأَمَّلْ كَوْنَهُ سَلِمَ أَنَّ فِي هَذَا انْقِطَاعًا لِلْوَسَطِ وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يُجْعَلْ الْمُسْتَحِقُّ فِيهَا الْأَقْرَبَ إلَى الْوَاقِفِ، بَلْ جَعَلَ الِاسْتِحْقَاقَ لِأَوْلَادِ الْمَيِّتِ وَبَانَ بِآخِرِ كَلَامه أَنَّ هَذَا الِانْقِطَاع الَّذِي فِيهِ لَمْ يَذْكُرهُ لِيُرَتِّب عَلَيْهِ حُكْمَهُ، بَلْ لِيَكُونَ مُقَرِّبًا لِطُرُوقِ خِلَافٍ فِيهِ مِنْ جِهَةِ هَذَا الِاعْتِبَار؛ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُرَجِّح الْأَخْذ بِقَضِيَّتِهِ، بَلْ رَجَّحَ عَدَم الْأَخْذ بِتِلْكَ الْقَضِيَّة وَأَخَذَ بِنَقِيضِهَا الْمُصَرِّح بِعَدَمِ الِانْقِطَاع كَمَا يُصَرِّح بِذَلِكَ أَيْضًا قَوْله بِتَأْوِيلِ اللَّفْظ الْمُتَقَدِّم كَيْ لَا يَنْقَطِعَ، وَأَرَادَ بِاللَّفْظِ الْمُتَقَدِّمِ قَوْلَهُ وَلَمْ يُخَلِّفْ وَلَدًا. . . إلَخْ.

وَبِتَأْوِيلِهِ أَنَّ مَفْهُومَهُ، وَإِنْ كَانَ مُحْتَمَلًا، لَكِنْ يُرَجَّحُ أَحَدُ مُحْتَمَلَاته، بَلْ أَظْهَرهَا وَهُوَ اسْتِحْقَاقُ الْوَلَدِ حَذَرًا مِنْ الِانْقِطَاعِ الَّذِي لَا يُقْصَد غَالِبًا مَعَ اعْتِضَادِهِ بِمَا يَأْتِي مَبْسُوطًا مِنْ الْقَرَائِنِ اللَّفْظِيَّةِ وَالْحَالِيَّةِ، وَبَعْد أَنْ بَانَ لَك هَذَا فَاحْدِقْ النَّظَر فِيهِ فَإِنَّهُ مُشْفٍ لِلْعَلِيلِ مُوَافِقٌ لِلْمَنْقُولِ وَالدَّلِيلِ، وَبِهِ أَحْكُمُ عَلَى أَنَّ مَا يَأْتِي عَنْهُ مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ ضَعِيفٌ وَعَلَى أَنَّ مَنْ تَبِعَهُ عَلَى هَذَا الثَّانِي كَالزَّرْكَشِيِّ لَمْ يَرَ إلَّا أَوَّل كَلَامه فِي فَتَاوِيهِ فَاغْتَرَّ بِهِ.

وَنَسَب إلَيْهِ أَنَّهُ يَقُولُ بِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِ الْأَوْلَادِ وَلَوْ رَأَى كَلَامه هَذَا لَمْ يَسَعْهُ أَنْ يَنْسِبَ إلَيْهِ ذَلِكَ فَإِنْ قُلْت: الْعَطْف فِي صُورَة الرُّويَانِيِّ بِثُمَّ وَفِي صُورَة السُّبْكِيّ بِالْوَاوِ وَبَيْنهمَا فَرْقٌ وَاضِح، قُلْت: لَا فَرْق بَيْنهمَا هُنَا؛ لِأَنَّ صَرِيحَ كَلَام الْوَاقِف فِي صُورَة السُّبْكِيّ يَقْتَضِي التَّرْتِيب أَيْضًا؛ لِأَنَّ تَخْصِيصه عَوْدَ نَصِيب الْمَيِّت إلَى أَخَوَاته بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْوَقْف لَيْسَ وَقْفُ تَشْرِيك وَإِلَّا كَانَ ذَلِكَ الْكَلَامُ كُلُّهُ لَغْوًا، وَذَلِكَ لَا يُصَار إلَيْهِ حَيْثُ أَمْكَنَ حَمْلُهُ عَلَى حَالَةٍ تُصَحِّحُهُ وَعَلَى تَسْلِيم أَنَّهُ لِلتَّشْرِيكِ فَكَلَامُهُ فِيهِ أَيْضًا مُوَافِق لِكَلَامِهِمَا، وَبَيَانه أَنَّهُ إذَا قَالَ بِاسْتِحْقَاقِ أَوْلَادِ الْمَيِّتِ دُون إخْوَته مَعَ أَنَّ الْعَطْف بِالْوَاوِ يَدُلُّ عَلَى مُشَارَكَته لَهُمْ وَلَمْ يَلْتَفِت لِذَلِكَ أَخْذًا بِمَفْهُومِ الشَّرْط لَزِمَهُ أَنْ يَقُولَ بِاسْتِحْقَاقِ الْوَلَد فِي مَسْأَلَتنَا وَلَا يَقُولُ بِقَضِيَّةِ الْعَطْفِ بِثُمَّ مِنْ اسْتِحْقَاقِ الْأُخْتِ دُون الْبِنْتِ أَخْذًا بِمَفْهُومِ الشَّرْط أَيْضًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَفْهُوم هَذَا الشَّرْطِ كَمَا خَصَّصَ قَضِيَّةَ التَّشْرِيكِ فِي مَسْأَلَته بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ وَلَد وَإِلَّا فَلَا تَشْرِيكَ، بَلْ يَفُوز الْوَلَد بِحِصَّةِ أَبِيهِ جَمِيعًا كَذَلِكَ يُخَصِّص قَضِيَّة انْفِرَادِ الْأُخْتِ فِي مَسْأَلَتنَا بِمَا إذَا مَاتَتْ أُخْتهَا عَنْ غَيْر وَلَد وَإِلَّا كَانَتْ حِصَّةُ الْمَيِّتَةِ لَهَا نَفْسهَا لَا لِأُخْتِهَا، وَسَبَبُ تَسَاوِي الصُّورَتَيْنِ أَنَّهُ لَا فَرْق بَيْن حِرْمَانِ مَنْ فِي الدَّرَجَةِ مِنْ الْبَعْضِ كَمَا فِي مَسْأَلَته وَمِنْ الْكُلِّ كَمَا فِي مَسْأَلَتنَا؛ لِأَنَّ الْمَلْحَظَ فِيهِمَا وَاحِد وَلَا عِبْرَةَ بِالتَّفَاوُتِ فِي النَّصِيب، وَإِنَّمَا الْعِبْرَةُ بِمَا يَتَسَبَّبُ عَنْهُ الِاسْتِحْقَاقُ أَوْ عَدَمه كَثُرَ النَّصِيبُ الْمُسْتَحِقُّ أَوْ لَا فَافْهَمْ ذَلِكَ. وَاعْتَنِ بِهِ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ.

وَقَدْ أَفْتَى أَيْضًا بِمَا لَا يُوَافِق مَا قَالَاهُ فِي نَظِير مَسْأَلَتنَا حَتَّى فِي الْعَطْفِ بِثُمَّ، وَمِنْ كَلَامه فِي ذَلِكَ طُولٌ فَلْنُلَخِّصْ الْمَقْصُودَ مِنْهُ وَذَلِكَ أَنَّهُ سُئِلَ عَمَّنْ وَقَفَ عَلَى الطَّنْبَاءِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ أَحْمَدَ وَمُحَمَّدٍ وَبَتَّارٍ وَمَنْ يَحْدُثُ لَهُ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ أَنْسَالِهِمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ.

فَمَنْ تُوُفِّيَ مِنْ أَوْلَاد الطَّنْبَاءِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ وَنَسْله عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ أَوْ وَلَدِ وَلَدٍ أَوْ نَسْلٍ عَادَ مَا كَانَ جَارِيًا عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ عَلَى مَنْ فِي دَرَجَتِهِ مِنْ أَهْل الْوَقْفِ يُقَدَّم الْأَقْرَب إلَيْهِ فَالْأَقْرَب، وَانْتَهَى الْوَقْف إلَى أَحْمَدَ بْنِ بَتَّارٍ الْمَذْكُور وَانْفَرَدَ بِهِ فَوُلِدَ لَهُ: مُحَمَّد وَأَلْتَى وَشَقْرَى، ثُمَّ وُلِدَ لِمُحَمَّدٍ: سُتَيْتَة وَعَائِشَة وَأَمَة الرَّحِيم. وَتُوُفِّيَ مُحَمَّد عَنْ بَنَاتِهِ الثَّلَاث فِي حَيَاة أَبِيهِ، ثُمَّ تُوُفِّيَ أَحْمَد عَنْ بِنْتَيْهِ وَبَنَات ابْنه فَهَلْ نَصِيبه لِبِنْتَيْهِ فَقَطْ أَوْ لَهُمَا وَلِبَنَاتِ ابْنه؟

(فَأَجَابَ بِمَا حَاصِله) : هُنَا مُقَدِّمَات إحْدَاهَا: هَلْ أَوْلَاد الْأَوْلَاد مَوْقُوف عَلَيْهِمْ فِي حَيَاة الْأَوْلَاد وَلَكِنَّهُمْ مَحْجُوبُونَ بِآبَائِهِمْ أَوْ لَا يَصِيرُونَ مَوْقُوفًا عَلَيْهِمْ إلَّا بَعْد انْقِرَاض آبَائِهِمْ؟ يُحْتَمَل الْأَوَّل لِشُمُولِ اللَّفْظ وَعُمُومه، وَالثَّانِي بِقَرِينَةِ ثُمَّ، فَكَأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>