أَوْلَادِهِ ثُمَّ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ، وَفِي الصِّيغَةِ الْأُولَى الضَّمِيرُ فِي أَوْلَادِهِمْ لِأَوْلَادِ زَيْدٍ، وَهَلْ يَنْدَرِجُ أَوْلَادُهُمْ فِي الظَّاهِرِ عَوْدًا عَلَى لَفْظِ الْأَوْلَادِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ بَعْضُهُمْ، فَيَعُودُ الضَّمِيرُ عَلَى الْمُرَادِ فِيهِ احْتِمَالَانِ أَيْضًا، وَإِنْ قُلْنَا بِالِانْدِرَاجِ انْدَرَجَ أَوْلَادُهُمْ فِي الضَّمِيرِ، وَأَمَّا الصِّيغَةُ الثَّانِيَةُ فَلَا يَأْتِي فِيهَا الِاحْتِمَالُ، بَلْ يَشْمَل جَمِيعَ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ، سَوَاءٌ دَخَلَ آبَاؤُهُمْ فِي الْوَقْفِ أَوْ لَا لِصِدْقِ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ عَلَيْهِمْ، وَهَذَا بَعْد زَوَالِ مَنْ يَحْجُبُهُمْ فَلَا إشْكَال وَقَدْ يُقَالُ: يَحْجُبُهُمْ الْأَعْمَامُ، فَيَكُونُ حُكْمُهُمْ حُكْمَ آبَائِهِمْ. الْمُقَدِّمَةِ الثَّامِنَةِ: الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ مَنْ تُوُفِّيَ مِنْهُمْ يَعُودُ عَلَى مَنْ قُلْنَا: إنَّهُ دَاخِل فِي الْوَقْفِ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ وِفَاقًا وَاحْتِمَالًا فَمَنْ جَزَمْنَا بِدُخُولِهِ هُنَاكَ جَزَمْنَا بِدُخُولِهِ هُنَا وَمَنْ تَرَدَّدْنَا فِي دُخُوله هُنَاكَ تَرَدَّدْنَا فِي دُخُوله هُنَا. الْمُقَدِّمَةِ التَّاسِعَةِ: أَنَّ قَوْله مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ إلَخْ هُوَ كَالْوَقْفِ الْكَامِل يَجِبُ النَّظَرُ فِي صِيَغِهِ وَدَلَالَته كَمَا سَبَقَ. الْمُقَدَّمَةِ الْعَاشِرَةِ: أَنَّ كُلَّ مَا أَدَّى إلَى قِلَّة التَّخْصِيص وَالتَّقْيِيد كَانَ أَوْلَى مِمَّا أَدَّى إلَى كَثْرَتِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. إذَا عَرَفْت هَذِهِ الْمُقَدَّمَاتِ الْعَشْرَ فَنَقُولُ: أَحْمَدُ وَبَتَّار الْمُتَوَفَّى هُوَ مِنْ أَوْلَادِ أَوْلَادِ الطَّنْبَاءِ، وَهُوَ دَاخِل فِي الْوَقْف فَلَا إشْكَال يَشْمَلهُمْ قَوْل الْوَاقِفِ ثُمَّ أَوْلَاد أَوْلَادِهِمْ أَيْ أَوْلَاد أَوْلَادِ أَحْمَدَ وَمُحَمَّدٍ وَبَتَّار هَاتَانِ أَيْ بِنْتَا أَحْمَد مِنْ أَوْلَاد أَوْلَاد بَتَّار، وَأَمَّا أَخُوهُمَا مُحَمَّدٌ الْمُتَوَفَّى قَبْلَ وَالِده فَفِي دُخُولِهِ فِي الْوَقْفِ وَشُمُولِ الْوَقْفِ لَهُ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ الِاحْتِمَالَيْنِ وَلَمْ نَجِد نَقْلًا يُعْتَضَد بِهِ.
وَقَدْ تَكَلَّمَ شُيُوخنَا فِي أَنَّهُ هَلْ هُوَ مِنْ أَهْل الْوَقْفِ أَوْ لَا؟ وَالظَّاهِر مِنْ كَلَامهمْ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْل الْوَقْف، وَقَدْ قَدَّمْنَا مَا بَلَغَنَا عَنْ الْحَنَابِلَةِ فِي ذَلِكَ وَقَدَّمْنَا الْإِشَارَة إلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَم مِنْ كَوْنِهِ لَا يَصْدُق عَلَيْهِ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ أَنَّهُ لَا يَصْدُق عَلَيْهِ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ دَاخِلٌ فِي حَقِيقَتِهِ، وَأَمَّا بَنَاتُهُ فَإِنَّهُنَّ دَاخِلَاتٌ فِي قَوْلِ الْوَاقِفِ ثُمَّ أَنْسَالُهُمْ فَهُنَّ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِنَّ فِي الِاثِّنَاء بِلَا شَكٍّ، وَقَدْ انْدَرَجَ أَصْلُهُنَّ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا عَمَّاتُهُنَّ، وَالنَّظَرُ فِي أَنَّهُنَّ حَاجِبَات لَهُنَّ أَوْ لَا. وَالْمُحَقَّقُ مِنْ ثَمَّ حَجْبُ أَبِيهِنَّ.
وَأَمَّا حَجْب عَمَّاتِهِنَّ فَمُحْتَمَلٌ وَالْأَظْهَرُ مِنْ قَوْلهمْ الْحَجْب وَعَدَمُ الْحَجْبِ أَيْضًا مُحْتَمَل مِنْ ذَلِكَ اللَّفْظِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ ثُمَّ أَبْدَى احْتِمَالًا ثَالِثًا لِاسْتِحْقَاقِ كُلِّ وَاحِد مَا لِوَالِدِهِ وَأَطَالَ فِي بَيَانه، وَإِنَّمَا تَرَكْتُهُ لِتَحْرِيفٍ وَقَعَ فِي نُسْخَة الْفَتَاوَى الَّتِي رَأَيْتهَا وَلَمْ أَرَ لَهَا ثَانِيَة ثُمَّ قَالَ فَصَارَ لِاسْتِحْقَاقِهِنَّ هِنَّ وُجُوه مِنْ الِاحْتِمَالَات وَحَجْبهنَّ بِعِمَامَتِهِنَّ يَلْزَمُ مِنْهُ تَخْصِيصُ قَوْلِهِ لِوَلَدِهِ وَتَخْصِيصُ قَوْلِهِ، ثُمَّ لِوَلَدِ وَلَدِهِ فِي بَعْض الْأَحْوَال إذَا مَاتَتْ شَقْرَى وَأَلْتَى عَنْ وَلَدٍ وَتَخْصِيصُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ إذَا قُلْنَا أَبُوهُنَّ دَخَلَ فِي اللَّفْظِ فَهُوَ ضِعْفُ جَانِبِ دَلَالَةِ التَّرْتِيبِ وَيَبْقَى التَّرَدُّدُ فِيهِ هَلْ الْمُرَادُ بِهِ حَجْبَ كُلِّ فَرْعٍ بِأَصْلِهِ فَقَطْ أَوْ حَجْب الْجُمْلَةِ لِلْجُمْلَةِ وَيَخْرُج عَنْهَا بَعْضُ الْأَفْرَادِ، وَإِذَا كَانَ التَّرَدُّدُ فِي ذَلِكَ، وَقَدْ قُلْنَا: إنَّ كَوْنَ وَلَد الْوَلَد مَوْقُوفًا عَلَيْهِ فِي حَيَاةِ الْوَلَدِ رَاجِح، فَنَقُولُ الِاسْتِحْقَاق مُحَقَّق وَالْحَجْب مَشْكُوكٌ فِيهِ فَنَتْرُكُ الْمَشْكُوكَ فِيهِ وَنَعْمَلُ بِالْمُحَقَّقِ فَنَقْضِي لَهُنَّ بِالِاسْتِحْقَاقِ.
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَال: الْأَصْلُ قَبْلَ الْوَقْفِ عَدَم الِاسْتِحْقَاقِ فَلَا يُحْكَم بِهِ بِالشَّكِّ وَالِاحْتِمَالِ الْأَوَّلُ أَرْجَحُ وَاَللَّه أَعْلَم (تَنْبِيه) : لَمَّا تَجَاذَبَتْ عِنْدِي الِاحْتِمَالَات وَلَمْ أَسْتَطِعْ الْجَزْمَ بِالْقَوْلِ بِاسْتِحْقَاقِ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ فِي حَيَاةِ بَعْض الْأَوْلَادِ وَإِقَامَتِهِنَّ مَقَام آبَائِهِنَّ لِأَنِّي لَمْ أَرَ فِيهِ سَلَفًا تَطَلَّبَتْ أَحْكَام الْحُكَّام الَّذِينَ سَلَفُوا وَأَقْوَال الْعُلَمَاء مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَالْمُتَقَدِّمِينَ لَعَلَّ يَكُونُ فِيهَا مُسْتَنَدٌ مَا، إمَّا بِهَذَا وَإِمَّا بِضِدِّهِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ كَثِيرَةُ الْوُقُوع تَعُمُّ بِهَا الْبَلْوَى، وَقَدْ رَأَيْتُ جَمَاعَة مِنْ أَصْحَابنَا الشَّافِعِيَّةِ بِالشَّامِ قَدْ اسْتَنْكَرُوا الْفَتْوَى بِخِلَافِ ذَلِكَ وَرَأَيْت جَمَاعَةً مِنْ الْحَنَابِلَةِ بِالشَّامِ أَفْتَوْا بِعَدَمِ الِاخْتِصَاصِ فَقَالَ أَحَدُهُمْ: يَنْتَقِل النَّصِيب لِبَنَاتِ مُحَمَّد وَيَقُمْنَ فِي الِاسْتِحْقَاق مَقَام وَالِدِهِنَّ لَوْ بَقِيَ حَيًّا وَلَا يَمْنَع مِنْ اسْتِحْقَاقهنَّ ذَلِكَ كَوْن وَالِدهنَّ كَانَ مَحْجُوبًا كَتَبَهُ أَحْمَد بْن الْحَسَن الْحَنْبَلِيُّ وَتَحْتَهُ كَذَلِكَ يَقُول عُبَادَةُ.
وَقَالَ الْآخَر يَنْتَقِلُ النِّصْفُ إلَى بَنَات مُحَمَّد وَلَا يَمْنَع مِنْ اسْتِحْقَاقهنَّ عَدَم تَنَاوُلِ أَبِيهِنَّ فَإِنَّهُ كَانَ مَحْجُوبًا بِأَبِيهِ وَهُوَ مِنْ أَهْل الْوَقْف، وَلَكِنْ وُجُود أَبِيهِ مَنَعَهُ مِنْ التَّنَاوُلِ مَعَ قِيَامِ الْمُقْتَضَى، وَهَذَا الْمَانِع لَمْ يُوجَد فِي بَنَاتِهِ. وَالْبَطْنُ الثَّانِي إنَّمَا يَتَلَقَّوْنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute