أَبِيهِ نَصِيبًا فَلَهُ حِينَئِذٍ نَصِيبٌ مُقَدَّرٌ بِمَوْتِ أَبِيهِ فَلَمَّا مَاتَ أَبُوهُ اسْتَحَقَّ بَنَاتُهُ نَصِيبَهُ ذَلِكَ الَّذِي كَانَ مُقَدَّرًا؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ صَارَ مَوْجُودًا هَذَا حَاصِلُ مَا يُوجِبُهُ بِهِ اسْتِحْقَاقُ أَوْلَادِ مُحَمَّدٍ عَلَى فَرْضِ أَنَّ صُورَةَ مَسْأَلَتِهِنَّ فِيهَا زِيَادَةٌ.
وَمَنْ تُوُفِّيَ عَنْ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ وَإِذَا خَرَجَ النَّصِيبُ عَنْ ظَاهِرِهِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِهَذِهِ الطَّرِيق الَّتِي تَقَرَّرَتْ وَعُمِّمَ فِي الْمُحَقَّقِ وَالْمَوْجُودِ وَقُضِيَ بِسَبَبِ مَا قَدَّمَهُ السُّبْكِيّ عَلَى الْعَمَّتَيْنِ بِاسْتِحْقَاقِ بَنَاتِ أَخِيهِمَا مَعَهُمَا لِأَدْنَى مُعَارِضٍ فَأَوْلَى أَنْ نَأْخُذَ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ فِي مَسْأَلَتنَا وَنَقْضِي بِهِ عَلَى الْخَالَةِ الْمَوْجُودَةِ فِي دَرَجَةِ الْمَيِّتَةِ بِاسْتِحْقَاقِ بِنْت أُخْتِهَا مَعَهَا؛ لِقُوَّةِ الْمُعَارِضِ فِيهَا لِقَضِيَّةٍ ثُمَّ كَمَا يَأْتِي بَيَانه وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَلَامَ السُّبْكِيّ وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُ فِي هَذَا السُّؤَالِ دَالٌّ عَلَى اسْتِحْقَاقِ الْبِنْتِ فِي مَسْأَلَتِنَا إمَّا بِطَرِيقِ التَّصْرِيح وَإِمَّا بِطَرِيقِ الِاقْتِضَاءِ كَمَا بَانَ لَك ذَلِكَ وَاتَّضَحَ مِمَّا قَرَّرْتُهُ ثُمَّ رَأَيْتُ السُّبْكِيّ بَسَطَ الْكَلَامَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا فِي سُؤَالٍ آخَر فِيهِ الزِّيَادَةُ الْمَذْكُورَةُ وَإِبْدَال الْعَطْفِ بِثُمَّ بِقَوْلِهِ: تَحْجُبُ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا الطَّبَقَةَ السُّفْلَى وَذَكَر مَعَ ذَلِكَ سَبْعَ صُوَرٍ تَتَعَيَّنُ الْإِحَاطَةُ بِهَا فَإِنَّهَا مُهِمَّةٌ وَلِجَمِيعِهَا تَعَلُّقٌ بِمَسْأَلَتِنَا نَعَمْ.
سَيَأْتِي فِي الْبَابِ الثَّانِي عَنْ الْبَغَوِيِّ مَا يُصَرِّحُ بِرَدِّ مَا قَالَهُ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ فَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِرَدِّ كَلَامه هُنَا وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِكَلَامِ الْبَغَوِيِّ الْآتِي مَعَ أَنَّهُ صَرِيحٌ فِي رَدِّهِ كَمَا سَأَذْكُرُهُ.
ثُمَّ وَمِمَّنْ وَافَقَ الرُّويَانِيَّ وَوَالِدَهُ عَلَى مَا مَرَّ عَنْهُمَا مِنْ اسْتِحْقَاقِ الْوَلَدِ فِي الصُّورَةِ السَّابِقَةِ الْوَلِيُّ أَبُو زُرْعَةَ مِنْ غَيْرِ اطِّلَاع مِنْهُ عَلَى كَلَامِهِمَا وَعِبَارَتُهُ فِي فَتَاوِيهِ سُئِلْتُ عَمَّنْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَنَسْلِهِ وَعَقِبِهِ طَبَقَةً بَعْدَ طَبَقَةٍ وَنَسْلًا بَعْد نَسْلٍ تَحْجُبُ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا مِنْهُمْ الطَّبَقَةَ السُّفْلَى عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَلَمْ يُخَلِّفْ وَلَدًا وَلَا وَلَدَ وَلَدٍ كَانَ نَصِيبُهُ لِإِخْوَتِهِ وَأَخَوَاتِهِ فَمَاتَ بَعْضُهُمْ عَنْ وَلَدٍ هَلْ يَكُونُ نَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ أَوْ لِإِخْوَتِهِ؟ فَأَجَبْتُ بِأَنَّهُ قَدْ تَعَارَضَ هُنَا أَمْرٌ أَنَّ مُقْتَضَى قَوْلِهِ تَحْجُبُ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا الطَّبَقَةَ السُّفْلَى أَنَّهُ لَا اسْتِحْقَاق لِأَوْلَادِ الْمُتَوَفَّى مَعَ وُجُود إخْوَته.
وَمُقْتَضَى مَفْهُومِ تَقْيِيدِ انْتِقَالِ ذَلِكَ لِإِخْوَتِهِ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ اسْتِحْقَاقُ وَلَدِهِ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي الْعَمَلِ بِمَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ فِي أَلْفَاظ الْآدَمِيِّينَ فَحُكِيَ عَنْ الْقَاضِي حُسَيْن إنْكَارُهُ وَأَنَّهُ إنَّمَا يُعْمَلُ بِهِ عِنْدَ الْقَائِلِ بِهِ فِي أَلْفَاظِ الشَّرْعِ وَمَالَ إلَيْهِ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ تَقِيُّ الدِّينِ السُّبْكِيّ بَلْ حُكِيَ عَنْ إلْكِيَا الْهِرَّاسِيِّ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْهُ وَهُوَ أَنَّ جَمِيعَ الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّة إنَّمَا يُعْمَلُ بِهَا فِي أَلْفَاظِ الشَّرْعِ لَا فِي كَلَام الْآدَمِيِّينَ لَكِنَّ هَذَا قَوْلٌ مَهْجُورٌ، وَعَمَلُ النَّاسِ عَلَى خِلَافِهِ وَلَا مَعْنَى لَهُ فَإِنْ صَحَّ مَا قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَمَنْ تَبِعَهُ تَعَيَّنَ انْتِقَالُ الِاسْتِحْقَاقِ لِإِخْوَةِ الْمُتَوَفَّى.
وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَام الْأَصْحَابِ، بَلْ حُكِيَ عَنْ الْحَنَفِيَّة الْمُنْكِرِينَ لِمَفَاهِيمِ الْمُخَالَفَةِ أَنَّهُمْ قَالُوا بِهَا فِي أَلْفَاظِ الْآدَمِيِّينَ فَالِاسْتِحْقَاقُ حِينَئِذٍ لِوَلَدِ الْمُتَوَفَّى عَمَلًا بِالْمَفْهُومِ فَإِنَّهُ خَاصٌّ، وَقَوْلُهُ: تَحْجُبُ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا الطَّبَقَةَ السُّفْلَى عَامٌّ وَالْخَاصُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ وَالْمَشْهُورُ فِي الْأُصُولِ تَخْصِيصُ الْعُمُومِ بِالْمَفْهُومِ اهـ.
كَلَامُهُ وَهُوَ حَسَنٌ كَمَا يَأْتِي تَحْقِيقُهُ وَمِمَّنْ وَافَقَهُمَا أَيْضًا مِنْ مُعَاصِرِي السُّبْكِيّ الْقَاضِي شَمْسُ الدِّينِ بْنُ الْقَمَّاحِ والقَلْقَشَنْدِيُّ وَيُونُسُ بْنُ أَحْمَدَ وَيُوسُفُ بْنُ حَمَّادٍ فَإِنَّهُمْ سُئِلُوا عَمَّنْ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى أَرْبَعَةِ أَنْفُسٍ بَيْنهمْ بِالسَّوِيَّةِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ مِنْ بَعْدِهِمْ ثُمَّ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَنَسْلِهِمْ وَعَقِبهمْ أَبَدًا بَطْنًا بَعْد بَطْنٍ وَقَرْنًا بَعْد قَرْنٍ سَهْمُ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى فِيهِ سَوَاء عَلَى أَنَّ مَنْ تُوُفِّيَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ وَلَا نَسْلٍ وَلَا عَقِبٍ وَإِنْ سَفَلَ كَانَ مَا يَسْتَحِقّهُ مِنْ هَذَا عَائِدًا عَلَى الثَّلَاثَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ أَوَّلًا ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَنَسْلِهِمْ لَا يَسْتَحِقُّ مِنْ الْأَوْلَادِ أَحَدٌ حَتَّى يَنْقَرِضَ الْأَعْلَى مِنْ آبَائِهِ فَمَاتَ أَحَدُ الْأَرْبَعَةِ مِنْ غَيْرِ نَسْلٍ فَانْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى الثَّلَاثَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ أَوَّلًا ثُمَّ مَاتَ الثَّلَاثَةُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ أَوَّلًا فَهَلْ يَنْتَقِل لِوَلَدِ كُلٍّ مِنْهُمْ مَا كَانَ يَسْتَحِقُّهُ أَبُوهُ لَوْ كَانَ حَيًّا أَمْ يَشْتَرِكُ جَمِيعُ الْأَوْلَادِ الْمُخَلَّفِينَ عَنْ الثَّلَاثَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ أَوَّلًا؟
فَأَجَابَ عَنْ ذَلِكَ الْقَلْقَشَنْدِيُّ بِقَوْلِهِ: قُوَّةُ الْكَلَامِ تُشْعِرُ بِأَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute