للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى أَوْلَادِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ وَكَذَلِكَ عَلَى جَوَابِهِ هَذَانِ الْمَذْكُورَانِ بَعْدَهُ وَأَجَابَ ابْنُ الْقَمَّاحِ بِقَوْلِهِ: لَا يَدُلُّ كَلَامُ الْوَاقِفِ عَلَى التَّشْرِيكِ بَلْ قَدْ يَدُلُّ عَلَى ضِدّه فَإِنَّهُ شَرْطٌ فِي صَرْفِ نَصِيبِ الْمَيِّتِ إلَى غَيْرِ أَوْلَادِهِ أَنْ يَمُوتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ فَمَتَى مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ صُرِفَ إلَيْهِمْ فَوُجُودُ الْوَلَدِ مَانِعٌ مِنْ صَرْف نَصِيب الْمَيِّتِ إلَى غَيْرِ أَوْلَادِهِ وَأَجَابَ مَرَّةً أُخْرَى بِقَوْلِهِ: مَنْ مَاتَ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ فَنَصِيبُهُ لِأَوْلَادِهِ خَاصَّةً لَا يُشَارِكهُ فِيهِ أَوْلَادُ الْآخَرِ

وَكَذَا حُكْمُ بَقِيَّةِ الطَّبَقَاتِ مِنْ الْأَوْلَادِ وَإِنْ سَفَلُوا اهـ فَانْظُرْ كَيْف أَفْتَى هَؤُلَاءِ بِأَنَّ نَصِيبَ الْمَيِّتِ لِوَلَدِهِ لَا لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ مَعَ مُسَاوَاة صُورَتِهِمْ هَذِهِ لِصُورَتِنَا فِي الْعَطْف بِثُمَّ وَفِي أَنَّهُ لَمْ يُصَرِّح بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ: مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ كَانَ مَا يَسْتَحِقُّهُ عَائِدًا عَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ فِي دَرَجَتِهِ بَلْ صُورَتُهُمْ هَذِهِ فِيهَا زِيَادَةٌ عَلَى صُورَتِنَا تَقْتَضِي مَنْعَ الْأَوْلَادِ بِالصَّرِيحِ لِقَوْلِهِ: مَعَ الْعَطْف بِثُمَّ بَطْنًا بَعْد بَطْنٍ وَقَرْنًا بَعْد قَرْنٍ وَهَذَا أَظْهَرُ فِي حَجْبِ الْأَوْلَادِ مِنْ مُجَرَّد الْعَطْفِ بِثُمَّ، وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يَنْظُرُوا إلَيْهِ بَلْ خَصَّصُوهُ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ: مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ عَادَ مَا يَسْتَحِقّهُ إلَى الثَّلَاثَة الَّتِي فِي دَرَجَتِهِ فَإِذَا جَعَلُوا مَفْهُومَ هَذَا مُخَصَّصًا فِي هَذِهِ الصُّورَة فَأَوْلَى أَنْ يُجْعَلَ مُخَصَّصًا فِي صُورَتِنَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَوَافَقَ ابْنَ الْقَمَّاحِ عَلَى مَا مَرَّ عَنْهُ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ وَغَيْرُهُمْ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ مَا مَرَّ عَنْ الرُّويَانِيُّ وَوَالِدِهِ وَغَيْرهمَا مِنْ اسْتِحْقَاقِ الْبِنْتِ فِي مَسْأَلَتنَا لَا يَخْتَصُّ بِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ بَلْ هُوَ مَذْهَبُ مَالِكٌ أَيْضًا وَمَرَّ فِي جَوَابِ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ الْحَنَفِيَّة مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا وَمَرَّ عَنْ ابْنِ الْقَيِّمِ مِنْ أَهْلِ الْحَنَابِلَةِ وَمُعَاصِرِيهِ مِنْ أَئِمَّةِ مَذْهَبِهِ مَا يَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ مَذْهَب أَحْمَدَ أَيْضًا فَبِمُقْتَضَى ذَلِكَ صَارَ الْقَوْلُ بِاسْتِحْقَاقِهِ الْبِنْتَ لَيْسَ مِنْ مُفْرَدَات مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، بَلْ الْمَذَاهِبُ الْأَرْبَعَةُ مُتَّفِقُونَ عَلَيْهِ عَلَى مُقْتَضَى مَا تَقَرَّرَ فَلْتُرَاجَعْ كُتُبَهُمْ فَإِنْ وُجِدَ فِيهَا التَّصْرِيحُ بِمَا يُخَالِف مَا قُلْنَاهُ عُمِلَ بِهِ

وَإِلَّا فَالْعَمَلُ بِمَا نَسَبْنَاهُ إلَيْهِمْ أَخْذًا مِمَّا تَقَرَّرَ، وَهَذَا كُلُّهُ يُبْطِلُ قَوْلَ الزَّرْكَشِيّ الْآتِي: أَنَّ عَدَمَ الِاسْتِحْقَاقِ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ بِأَبْسَطِ مِنْ هَذَا.

وَمِمَّنْ وَافَقَهُمَا أَيْضًا الْبُلْقِينِيُّ وَبَيَانه أَنَّهُ سُئِلَ عَمَّنْ وَقَفَ عَلَى وَلَدَيْهِ الرَّجُلَيْنِ نَصِيبَ كُلّ وَاحِد عَلَيْهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ مِنْ بَعْدِهِ مَهْمَا نَزَلُوا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَمَنْ انْقَرَضَ عَنْ غَيْر وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِأَخِيهِ ثُمَّ لِأَوْلَادِ أَخِيهِ مَهْمَا نَزَلُوا عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّة، فَإِنْ انْقَرَضُوا كُلُّهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ كَانَ عَائِدًا عَلَى مَنْ يَرِثهُمْ مِنْ الْأَقَارِبِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى مَنْ يَرِثُهُمْ مِنْ الْعَصَبَات فَآلَ الْوَقْفُ إلَى أَخَوَيْنِ ذَكَرٍ وَأُنْثَى ذَكَرٍ اسْمُهُ عُبَيْدٌ وَأُنْثَى فَتُوُفِّيَتْ الْأُنْثَى عَنْ أَخِيهَا وَبِنْتٍ تُسَمَّى عَائِشَةَ فَتُوُفِّيَتْ عَائِشَةُ عَنْ وَالِدهَا وَإِخْوَةٍ مِنْ أَبِيهَا وَخَالِهَا عُبَيْدٍ فَلِمَنْ تَنْتَقِل مَنَافِع الْوَقْف عَنْ عَائِشَةَ ثُمَّ مَاتَ عُبَيْد عَنْ وَلَدَيْنِ ذَكَر وَأُنْثَى وَلَمْ يَبْقَ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ غَيْرُهُمَا

فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ: تَنْتَقِل مَنَافِع ذَلِكَ لِعُبَيْدٍ وَيَسْتَقِلُّ وَلَدَا عُبَيْدٍ بَعْده بِغَلَّةِ الْوَقْفِ الْمَذْكُور لِلذَّكَرِ مِثْل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ وَلَا يَنْتَقِل شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لِإِخْوَتِهَا لِأَبِيهَا؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ ذُرِّيَّةِ أَحَدِ الذَّكَرَيْنِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمَا أَوَّلًا وَلَا شَيْء لِوَالِدِ عَائِشَةَ لِذَلِكَ اهـ.

الْمَقْصُودُ مِنْ جَوَابِهِ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي اسْتِحْقَاقِ عَائِشَةَ نَصِيبَ أُمِّهَا دُون أَخِي أُمِّهَا الَّذِي فِي دَرَجَتِهَا وَهُوَ عُبَيْدٌ مَعَ أَنَّ مَسْأَلَتَهُ نَظِيرُ مَسْأَلَتنَا فِي الْعَطْف بِثُمَّ لِقَضِيَّتِهَا الدَّالَّةَ عَلَى اسْتِحْقَاق عُبَيْدٍ دُون عَائِشَةَ أَخْذًا بِمَفْهُومِ، وَمَنْ انْقَرَضَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِأَخِيهِ فَعُلِمَ أَنَّ مَسْأَلَتَهُ نَظِيرُ مَسْأَلَتِنَا وَأَنَّهُ قَائِلٌ بِاسْتِحْقَاقِ الْوَلَدِ دُونَ الْأَخِ وَأَنَّ مَنْ نَسَبَ إلَيْهِ خِلَافَ ذَلِكَ فَقَدْ وَهِمَ وَأَجَابَ عَنْهُ مَرَّةً أُخْرَى بِقَوْلِهِ: لَيْسَ لِوَالِدِ الصَّغِيرَةِ الْمَذْكُورَةِ أَيْ: عَائِشَةَ حَقٌّ فِي نَصِيبِهَا وَلَا لِأَوْلَادِهِ، بَلْ نَصِيبُهَا لِخَالِهَا إلَخْ فَانْظُرْ تَصْرِيحَهُ بِأَنَّ لِعَائِشَة نَصِيبهَا وَبِأَنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ لِخَالِهَا إلَّا بَعْد مَوْتِهَا، وَهَذَا صَرِيحٌ أَيْ: صَرِيحٌ فِي مَسْأَلَتنَا بِاسْتِحْقَاقِ الْبِنْتِ دُونَ الْأُخْتِ، الْوَجْهُ الثَّالِثُ فِي الرَّدِّ عَلَى مَنْ خَالَفَ كَلَامُهُ مَا مَرَّ عَنْ الرُّويَانِيُّ وَغَيْره وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عَنْ غَيْر قَصْدٍ مِنْهُمْ، وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ آخَرُ لَهُمْ فَمِنْ هَؤُلَاءِ السُّبْكِيّ فَإِنَّهُ أَفْتَى فِي صُورَةِ السُّؤَالِ الَّتِي أَفْتَى فِيهَا ابْنُ الْقَمَّاحِ

<<  <  ج: ص:  >  >>