للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَنْ مَعَهُ بِمَا مَرَّ بِقَوْلِهِ: يَشْتَرِك جَمِيعُ الْأَوْلَادِ الْمُخَلَّفِينَ عَنْ الثَّلَاثَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ أَوَّلًا فِي جَمِيعِ الْمَوْقُوفِ بَيْنهمْ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فِيهِ سَوَاءٌ، ثُمَّ أَوْلَادُهُمْ كَذَلِكَ تَحْجُبُ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا أَبَدًا الطَّبَقَةَ السُّفْلَى وَلَا يَخْتَصُّ أَوْلَادُ كُلٍّ بِنَصِيبِ وَالِدِهِمْ وَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ نَصِيبِ وَالِدِهِ حَتَّى يُتَوَفَّى مَنْ يُسَاوِي وَالِدَهُ فِي الطَّبَقَةِ عَمَلًا بِأَنَّهُ جَعَلَ كُلَّ الْوَقْفِ بَعْد الْأَرْبَعَةِ لِأَوْلَادِهِمْ وَلَمْ يَخُصَّ وَلَمْ يُفَصِّلْ وَلَمْ يَأْتِ بِصِيغَةٍ تُشْعِرُ بِذَلِكَ كَمَا أَتَى فِي الطَّبَقَةِ الْأُولَى بِقَوْلِهِ: أَرْبَاعًا وَمُحَافَظَةً عَلَى تَعْمِيمِ قَوْلِهِ: الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فِيهِ سَوَاءٌ، وَلَوْ خَصَّصْنَا أَوْلَادَ كُلٍّ بِنَصِيبِ أَبِيهِمْ لَزِمَ تَخْصِيصُ قَوْلِهِ: الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فِيهِ سَوَاءٌ، وَالتَّخْصِيصُ فِيهِ خِلَافُ الْأَصْلِ وَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْأَوَّلِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَمْرٌ مَرْجُوحٌ مَعَ دَلَالَةِ اللَّفْظِ عَلَيْهِ دُون مَا عَدَاهُ وَلَا يَمْنَع مِنْ ذَلِكَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ: عَلَى أَنَّ مَنْ تُوُفِّيَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ كَانَ مَا يَسْتَحِقّهُ عَائِدًا عَلَى الثَّلَاثَةِ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَوْضُوعَ الْكَلَامِ أَوَّلًا يَقْتَضِي أَنَّ الْوَقْفَ فِي الطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ لِأَوْلَادِ الْأَرْبَعَةِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمْ وَلَدٌ قَدْ يُقَالُ: إنَّ نَصِيبَهُ لَا يَنْتَقِلُ إلَى الثَّلَاثَةِ وَلَا إلَى أَوْلَادِهِمْ؛ لِأَنَّهُ وَقَفَهُ عَلَى أَوْلَادِ الْأَرْبَعَةِ وَلَمْ يُوجَدْ إلَّا أَوْلَادُ الثَّلَاثَةِ فَيَكُونُ ذَلِكَ النَّصِيبُ مُنْقَطِعًا فَبَيَّنَ بِهَذَا اللَّفْظِ أَنَّ ذَلِكَ النَّصِيبَ يَعُودُ إلَى الثَّلَاثَةِ وَإِلَى أَوْلَادِهِمْ عَلَى الْحُكْم الْمَشْرُوحِ.

وَيَصِيرُ الْوَقْفُ عَلَى الْأَرْبَعَةِ بَعْدَهُمْ وَقْفًا عَلَى أَوْلَادِ الثَّلَاثَةِ، وَمَفْهُومُ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ مَاتَ وَلَهُ وَلَدٌ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ بِأَنْ نَقُولَ: نَصِيبُهُ لِلثَّلَاثَةِ عَمَلًا بِالتَّرْتِيبِ وَبَعْدَ الثَّلَاثَةِ يَعُودُ نَصِيبُهُمْ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِهِمْ عَمَلًا بِقَوْلِهِ: ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ وَلَا يَنْحَصِرُ مَفْهُومُ ذَلِكَ فِي أَنَّ مَنْ مَاتَ وَلَهُ وَلَدٌ يَأْخُذُ وَلَدُهُ نَصِيبَهُ فَذَلِكَ لَا دَلِيل عَلَيْهِ وَمَا ذَهَبْنَا إلَيْهِ مُحْتَمَل يُكْتَفَى بِهِ فِي الْمَفْهُومِ مَعَ دَلَالَةِ اللَّفْظِ عَلَيْهِ فَكَانَ مُتَيَقَّنًا، وَمَتَى ثَبَتَتْ الْمُخَالَفَةُ بِوَجْهٍ مَا كَفَى فِي الْعَمَلِ بِالْمَفْهُومِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: لَا يَسْتَحِقُّ أَحَدٌ مِنْ الْأَوْلَادِ حَتَّى يَنْقَرِضَ الْأَعْلَى مِنْ آبَائِهِ فَذَلِكَ مَعْمُول بِهِ عَلَى مَا قُلْنَاهُ بِأَنْ يَنْقَرِضَ الْأَعْلَى مِنْ آبَائِهِ وَلَا يَكُونُ فِي طَبَقَتِهِ مَنْ يُسَاوِيه فَعِنْدَ ذَلِكَ يَسْتَحِقُّ وَمَتَى حَصَلَ الْعَمَلُ بِالْمَفْهُومِ فِي صُورَةٍ كَفَى وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَسْتَحِقَّ عِنْد انْقِرَاضِ أَبِيهِ مُطْلَقًا عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ؛ لِعَدَمِ الْمُتَقَضِّي لِلْعُمُومِ، وَإِنَّمَا أَتَى الْوَاقِفُ بِهَذِهِ الْجُمْلَةِ لِيَدُلَّ عَلَى الَّذِي ثَبَتَ فِي جَمِيعِ الْبُطُونِ فِي اسْتِحْقَاقِ النَّصِيبِ الْأَصْلِيِّ وَالنَّصِيبِ الْعَائِدِ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِثُمَّ فِي الْأَوَّلِ مَرَّتَيْنِ وَفِي الثَّانِي مَرَّةً وَاحِدَةً وَأَتَى بِالْوَاوِ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ فَلَوْ اقْتَصَرَ لَمْ يَجِبْ التَّرْتِيبُ فِي بَقِيَّةِ الْبُطُونِ وَلَاحْتَمَلَ أَنَّ نَصِيبَ مَنْ مَاتَ وَلَا وَلَدَ لَهُ يَرْجِعُ إلَى الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلِ مَعًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: إنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ فَأَتَى بِهَذِهِ الْجُمْلَةِ لِيُزِيلَ هَذَا الْوَهْمَ وَيَتَبَيَّنُ أَنَّ هَذَا التَّرْتِيبَ مَقْصُودٌ فِي كُلِّ الطَّبَقَات فِي جَمِيعِ الْوَقْفِ

وَأَنَّ كُلَّ طَبَقَةٍ تَحْجُبُ مَا تَحْتَهَا وَلَمْ يَبْقَ مَا فِيهِ احْتِمَالٌ إلَّا أَمْرَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ نَصِيبَ كُلِّ وَاحِدٍ يَنْتَقِلُ إلَى وَلَدِهِ بِمَوْتِ أَبِيهِ فَيَكُونُ الْوَلَدُ مَحْجُوبًا بِمَوْتِ أَبِيهِ أَوْ بِمَوْتِ أَبِيهِ، وَمَنْ يُسَاوِيه وَلَمْ يَتَبَيَّنْ فِي الْكَلَامِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْأَوَّلِ فَحَمَلْنَاهُ عَلَى الثَّانِي، لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْوَلَدِ قَبْلَ انْقِرَاضِ الطَّبَقَةِ بِكَمَالِهَا مَشْكُوكٌ فِيهِ فَلَا يَسْتَحِقُّ لِلشَّكِّ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الِاسْتِحْقَاقِ وَالْمَعْنَى الثَّانِي أَقْرَبُ إلَى ظَاهِرِ اللَّفْظِ، الْأَمْرُ الثَّانِي: إذَا انْتَقَلَ نَصِيبُ الطَّبَقَةِ لِلطَّبَقَةِ الَّتِي تَحْتَهَا هَلْ يَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْن الْجَمِيعِ بِالسَّوَاءِ أَوْ تَأْخُذُ كُلَّ مَا كَانَ لِأَبِيهِمْ وَلَا دَلِيلَ عَلَى الثَّانِي، وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ إلَى ظَاهِرِ اللَّفْظِ فَتَعَيَّنَ، وَذَلِكَ يُبَيِّنُ صِحَّةَ مَا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فِي هَذَا الْوَقْتِ " وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ " اهـ.

وَيُرَدُّ كَلَامُهُ هَذَا بِأُمُورٍ مِنْهَا: أَنَّ قَوْلَهُ: وَلَمْ يَأْتِ بِصِيغَةٍ تُشْعِرُ بِذَلِكَ إنْ أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِمَا يَقْتَضِي تَخْصِيصَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الدَّرَجَةِ الثَّانِيَةِ بِنَصِيبِ أَبِيهِ وَلَا بِمَا يَقْتَضِي تَفْضِيلًا فِي ذَلِكَ، بَلْ جَمِيعُ أَهْلِ الدَّرَجَةِ الثَّانِيَةِ يَسْتَوُونَ فِيمَا آلَ إلَيْهِمْ وَلَا يُفَضَّلُ أَحَدُهُمْ بِنَصِيبِ أَصْلِهِ فَهُوَ ظَاهِرٌ وَمُسَلَّمٌ وَلَا يَرُدُّ عَلَيْنَا؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ كَلَامُنَا فِيهِ الْآن، وَإِنَّمَا يَأْتِي الْبَحْثُ عَنْهُ فِي الْبَاب الثَّانِي وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِمَا يَقْتَضِي أَنَّ الْوَلَدَ يَأْخُذَ نَصِيبَ أَبِيهِ الْمَيِّتِ فِي حَيَاةِ مَنْ فِي دَرَجَتِهِ فَغَيْرُ ظَاهِرٍ وَغَيْرُ مُسَلَّمٍ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ مَفْهُوم الشَّرْطِ الْمُتَبَادِر مِنْهُ ذَلِكَ وَقَوْله: وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ: عَلَى أَنَّهُ مَنْ تُوُفِّيَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>