إلَخْ صَرِيحٌ فِي أَنَّ كَلَامَهُ إنَّمَا هُوَ فِي مَبْحَثِ اسْتِحْقَاقِ الْأَوْلَادِ نَصِيبَ أَبِيهِمْ فِي حَيَاةِ مَنْ فِي دَرَجَتِهِ لَكِنَّ قَوْلَهُ: وَلَا يَنْحَصِرُ مَفْهُومُ ذَلِكَ فِي أَنَّ مَنْ مَاتَ وَلَهُ وَلَدٌ يَأْخُذُ وَلَدُهُ نَصِيبَهُ إلَخْ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْأَوْلَادَ فِي مَسْأَلَتِنَا لَا يَسْتَحِقُّونَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، لِأَنَّ الْمَفْهُومَ، وَإِنْ لَمْ يَنْحَصِرْ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِل أَحْوَالًا أَرْبَعَةً كَمَا يَأْتِي إلَّا أَنَّ الْمُتَبَادِر مِنْ هَذَا الشَّرْطِ الِانْحِصَارُ كَمَا يَأْتِي بَسْطُهُ وَقَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَسْتَحِقّ عِنْدَ انْقِرَاضِ أَبِيهِ مُطْلَقًا إلَخْ يُقَال: عَلَى ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَازِمًا عَقْلًا وَلَا وَضْعًا إلَّا أَنَّهُ لَازِمٌ مِنْ هَذَا الشَّرْطِ عُرْفًا وَالدَّلَالَة الْعُرْفِيَّة يُكْتَفَى بِهَا فِي الْأَوْقَافِ وَغَيْرهَا كَمَا يَأْتِي الْإِشَارَة إلَى ذَلِكَ فِي كَلَامِ السُّبْكِيّ نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ وَقَوْله: وَإِنَّمَا أَتَى الْوَاقِفُ بِهَذِهِ الْجُمْلَةِ إلَخْ يُقَال عَلَيْهِ: هَذَا الْحَصْر مَمْنُوعٌ بَلْ الْغَالِبُ أَنَّ الْوَاقِفِينَ يَأْتُونَ بِذَلِكَ قَصْدًا إلَى أَنْ لَا تُحْرَمَ أَوْلَادُ الْأَوْلَادِ، وَإِنْ سَفَلُوا؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ أَهْلَ الدَّرَجَةِ الثَّانِيَةِ مَثَلًا يَكُونُونَ مُحْتَاجِينَ صِغَارًا فُقَرَاء بِالنِّسْبَةِ إلَى أَهْلِ الدَّرَجَة الْأُولَى فَيَقْصِدُ الْوَاقِفُونَ النَّصَّ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى يَنْدَفِعَ مَا أَفْهَمَهُ الْعَطْفُ بِثُمَّ مِنْ أَنَّهُ لَا يُعْطَى أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الدَّرَجَةِ الثَّانِيَةِ وَهُنَاكَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الدَّرَجَةِ الْأُولَى، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ أَكْثَر كُتُبِ الْأَوْقَافِ الْمَذْكُورِ فِيهَا هَذَا الشَّرْطُ لَا يُكْتَفَى بِمَفْهُومِهِ، وَإِنَّمَا يُصَرِّحُونَ بِهِ؛ لِيَصِيرَ مَنْطُوقًا لَا يَقْبَلُ النِّزَاعَ وَلَيْسَ التَّصْرِيحُ بِهَذَا الْمَفْهُومِ لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ اتِّكَالًا مِنْهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَبَادَرُ مِنْ ذِكْرِ هَذَا الشَّرْطِ إلَّا الْعَمَلُ بِمَنْطُوقَةِ وَبِمَفْهُومِهِ الْمُتَبَادِر مِنْهُ وَهُوَ اسْتِحْقَاقُ الْوَلَدِ فِي حَيَاةِ مَنْ فِي دَرَجَةِ أَبِيهِ فَيَتَّكِلُونَ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يُصَرِّحُونَ بِهَذَا الْمَفْهُومِ إيثَارًا لِلِاخْتِصَارِ وَهُوَ تَسَاهُلٌ مِنْهُمْ وَلِذَا لَمَّا كَانَ أَكْثَرُهُمْ يَحْتَاط فِي ذَلِكَ وَجَدْنَاهُمْ بِالِاسْتِقْرَاءِ الْمَأْخُوذِ مِنْ الِاطِّلَاعِ عَلَى فَتَاوَى الْأَئِمَّةِ الْمُسَطَّرِ فِيهَا أَكْثَرُ ذَلِكَ وَعَلَى غَيْرِهَا يُصَرِّحُونَ بِهَذَا الْمَفْهُومِ فَعَدَمُ التَّصْرِيحِ بِهِ يُحْمَل عَلَى سَهْوٍ أَوْ تَسَاهُلٍ مِنْ الْمُوَثِّقِ مَعَ الْعِلْمِ الْمَأْخُوذِ مِنْ الْغَالِبِ مِنْ عَادَةِ الْوَاقِفِينَ بِأَنَّهُمْ لَا يَقْصِدُونَ حِرْمَانَ الصِّغَارِ مِنْ ذُرِّيَّاتهمْ كَمَا مَرَّ التَّصْرِيحُ بِأَبْلَغَ مِنْ ذَلِكَ فِي كَلَام ابْن الْقَيِّمِ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ مَا وَقَعَ لِلْبُلْقِينِيِّ فِي فَتَاوِيهِ فَإِنَّهُ قَضَى عَلَى بَعْضِ الْمُوَثِّقِينَ بِالسَّهْوِ لِقَرَائِنَ ذَكَرهَا تَقْرُبُ مِنْ الْقَرَائِنِ الَّتِي ذَكَرْتُهَا ثُمَّ قَالَ: وَالْجُمُودُ عَلَى مُجَرَّدِ مَا كُتِبَ وَظَهَرَ أَنَّهُ سَهْوٌ بِمُقْتَضَى مَا قَرَّرْنَاهُ خُرُوجٌ عَنْ طَرِيقَةِ الْفُقَهَاءِ الْغَائِصِينَ عَلَى الْجَوَاهِرِ الْمُعْتَبَرَةِ اهـ. فَإِنْ قُلْتَ: يَلْزَمُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْعَطْفَ بِثُمَّ لَغْوٌ قُلْتُ: لَا يَلْزَم ذَلِكَ كَمَا يَأْتِي تَحْقِيقُهُ وَقَوْلُهُ: وَلَمْ يَتَبَيَّنْ فِي الْكَلَامِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْأَوَّلِ مَمْنُوعٌ بَلْ فِيهِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَمِمَّا يَأْتِي وَقَوْله: لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْوَلَدِ إلَخْ مَمْنُوعٌ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مَشْكُوكًا فِيهِ إلَّا إذَا لَمْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْقَاقِهِ، وَقَدْ دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى اسْتِحْقَاقِهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَمِمَّا يَأْتِي وَقَوْلُهُ: وَهَذَا مَا ظَهَرَ لِي فِي هَذَا الْوَقْتِ إلَخْ يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى كَلَام الرُّويَانِيِّ وَوَالِدِهِ الَّذِي قَدَّمْتُهُ وَلَمَّا كَانَ فِي بَحْثِهِ هَذَا مِنْ قَبُولِ الْمُنَاقَشَةِ وَالرَّدِّ مَا أَشَرْتُ إلَيْهِ فِيمَا مَرَّ وَمَا سَأُصَرِّحُ بِهِ فِيمَا يَأْتِي خَالَفَهُ فِيمَا أَفْتَى بِهِ فِي ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ مُعَاصِرِيهِ كَمَا قَدَّمْتُ ذَلِكَ عَنْهُمْ وَمِمَّا يَرُدُّ مَا قَالَهُ هُنَا مَا قَدَّمْتُهُ عَنْهُ فِي الْوَجْه الثَّانِي مَبْسُوطًا وَمَا سَأَذْكُرُ فِيهِ عَقِبَ الْكَلَام عَلَى مَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَشَيْخنَا زَكَرِيَّا فَإِنَّهُمَا تَبِعَاهُ فِي هَذَا الْجَوَاب وَغَفَلَا عَنْ بَقِيَّةِ كَلَامه فِي الْأَجْوِبَةِ الْأُخْرَى الَّتِي مَرَّ بَعْضُهَا وَيَأْتِي بَعْضُهَا وَمِنْهُمْ الزَّرْكَشِيُّ فَإِنَّهُ قَالَ فِي خَادِمِهِ عَلَى قَوْلِ الرَّافِعِيِّ، وَلَوْ قَالَ: عَلَى أَوْلَادِي ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِي مَا تَنَاسَلُوا بَطْنًا بَعْد بَطْنٍ فَهُوَ لِلتَّرْتِيبِ وَلَا يُصْرَفُ لِلْبَطْنِ الثَّانِي مَا بَقِيَ مِنْ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ أَحَدٌ كَذَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ وَالْقِيَاسُ فِيمَا إذَا مَاتَ وَاحِدٌ مِنْ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ أَنْ يَجِيءَ فِي نَصِيبِهِ الْخِلَافُ فِيمَا إذَا وَقَفَ عَلَى شَخْصَيْنِ ثُمَّ عَلَى الْمَسَاكِين فَمَاتَ وَاحِدٌ إلَى مَنْ يُصْرَف نَصِيبُهُ وَلَمْ أَرَ تَعَرُّضًا لَهُ إلَّا لِأَبِي الْفَرَج السَّرَخْسِيِّ فَإِنَّهُ سَوَّى بَيْن الصُّورَتَيْنِ وَحَكَى فِيهَا وَجْهَيْنِ: أَحَدَهُمَا: أَنَّ نَصِيبَ الْمَيِّتِ لِصَاحِبِهِ وَالثَّانِي: لِأَقْرَب النَّاسِ إلَى الْوَاقِفِينَ وَكَذَا ذَكَر صَاحِبُ الْإِفْصَاحِ أَنَّهُ يُصْرَفُ لِأَقْرَب النَّاسِ إلَى الْوَاقِفِ انْتَهَتْ عِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ قَالَ فِي الْخَادِمِ فِيهِ أُمُورٌ: أَحَدُهَا مَا جَزَمَ بِهِ مِنْ أَنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ لِلتَّرْتِيبِ خَالَفَ فِيهِ الْعَبَّادِيَّ ثُمَّ أَطَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْكَلَامَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute