للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذَلِكَ الْمُبْتَدِئَةُ وَالْمُعْتَادَةُ ثُمَّ الْمُسْتَحَاضَةُ تَكُونُ مُبْتَدَأَةً وَتَكُونُ مُعْتَادَةً وَتَكُونُ مُتَّفِقَةَ الدَّمِ وَمُخْتَلِفَتَهُ فَهُمَا أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ: الْأُولَى مُبْتَدِئَةٌ غَيْرُ مُمَيِّزَةٍ بِأَنْ تَرَى دَمًا مُسْتَوِيًا فَوْقَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، فَالْأَظْهَرُ أَنَّ حَيْضَهَا يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ مِنْ أَوَّلِ الدَّمِ، وَطُهْرَهَا تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا إنْ اسْتَمَرَّ الدَّمُ إلَيْهَا، فَإِنْ زَادَ فَيَوْمٌ وَلَيْلَةٌ مِنْ أَوَّلِهِ حَيْضٌ وَتِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ طُهْرٌ وَكَذَا مَا لَمْ يَنْقَطِعْ الدَّمُ أَوْ تَتَغَيَّرْ صِفَتُهُ، وَمِثْلُهَا مَنْ تَرَى الدَّمَ بِصِفَتَيْنِ فَأَكْثَرَ، لَكِنْ فَقَدْت شَيْئًا مِنْ شُرُوطِ التَّمْيِيزِ الْآتِيَةِ فِي الثَّانِيَةِ، فَلَوْ نَسِيَتْ هَذِهِ ابْتِدَاءَ دَمِهَا أَوْ لَمْ تَعْلَمْهُ كَأَنْ رَأَتْهُ فِي جُنُونِهَا فَأَفَاقَتْ وَهُوَ بِهَا فَهِيَ مُتَحَيِّرَةٌ يَأْتِي حُكْمُهَا.

الثَّانِيَةُ: مُبْتَدِئَةٌ مُمَيِّزَةٌ تَرَى دَمًا قَوِيًّا وَضَعِيفًا وَيَزِيدَانِ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ، فَالْقَوِيُّ هُوَ الْحَيْضُ إنْ كَانَ يَوْمًا وَلَيْلَةً إلَى خَمْسَةَ عَشَرَ، وَالضَّعِيفُ خَمْسَةَ عَشَرَ فَأَكْثَرُ مُتَّصِلًا أَوْ مَعَهُ نَقَاءٌ يُتِمُّهَا كَأَنْ تَرَى خَمْسَةَ أَيَّامٍ أَسْوَدَ، ثُمَّ خَمْسَةَ عَشَرَ فَأَكْثَرَ أَحْمَرَ أَوْ أَشْقَرَ أَوْ مَعَ نَقَاءٍ مُتَّصِلٍ بِهِ، وَإِنْ طَالَ زَمَنُهُ فَهُوَ طُهْرٌ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ الدَّمُ إنْ اتَّصَلَ بِأَقْوَى مِنْهُ وَلَوْ سِنِينَ كَذَا قَالَهُ الْإِمَامُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ كَمَا قَالَ الشَّيْخَانِ وَفِيهِ خِلَافٌ ضَعِيفٌ، وَصِفَاتُ الْقُوَّةِ ثَلَاثٌ: اللَّوْنُ بِالسَّوَادِ ثُمَّ الْحُمْرَةِ ثُمَّ الشُّقْرَةِ ثُمَّ الصُّفْرَةِ ثُمَّ الْكُدْرَةِ، وَثِخَنُ الدَّمِ، وَنَتْنُ رِيحِهِ فَمَا تَجَرَّدَ عَنْ الْأَخِيرَتَيْنِ أَوْ وَقَعَتَا فِيهِ، فَقُوَّتُهُ بِاللَّوْنِ فَقَطْ وَمَا اتَّفَقَ لَوْنُهُ وَوَقَعَ فِي شَيْءٍ مِنْ إحْدَاهُمَا فَهُوَ أَقْوَى مِنْ الْآخَرِ كَأَحْمَرَ أَوْ أَسْوَدَ ثَخِينٍ أَوْ مُنْتِنٍ دُونَ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَآخَرُ لَوْنُهُ بِغَيْرِ ثِخَنٍ وَلَا نَتْنٍ وَيَزِيدُ الْمَجْمُوعُ عَلَى الْخَمْسَةَ عَشَرَ فَاَلَّذِي فِيهِ الثِّخَنُ أَوْ النَّتْنُ أَقْوَى، فَهُوَ الْحَيْضُ وَالْآخَرُ طُهْرٌ سَوَاءٌ تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ وَكَذَا مَا اجْتَمَعَ فِيهِ مَنْ الصِّفَاتِ أَكْثَرُ هُوَ الْأَقْوَى كَأَسْوَدَ نَتْنٌ ثَخِينٌ مَعَ أَسْوَدَ بِأَحَدِهِمَا فَقَطْ وَكَأَحْمَرَ مُنْتِنٍ ثَخِينٍ مَعَ أَسْوَدَ مُجَرَّدٍ عَنْهُمَا فَالْأَحْمَرُ أَقْوَى فَإِنْ اسْتَوَتْ الْمَرْتَبَتَانِ، فَالْأَقْوَى هُوَ السَّابِقُ كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا عَنْ الْمُتَوَلِّي، وَأَقَرُّوهُ وَقَالَ الرَّافِعِيُّ هُوَ مَوْضِعُ تَأَمُّلٍ وَقَدْ جَزَمَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ وَتَبِعَهُ خَلْقٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ ثُمَّ إنْ وُجِدَ فِي الْخَمْسَةَ عَشَرَ ثَلَاثَةُ دِمَاءٍ وَجَاوَزَهَا الْأَخِيرُ فَإِنْ كَانَ هُوَ الْأَقْوَى وَصَلُحَ لِلْحَيْضِ، فَهُوَ الْحَيْضُ كَخَمْسَةٍ أَشْقَرَ ثُمَّ خَمْسَةٍ أَحْمَرَ ثُمَّ عَشْرَةٍ أَسْوَدَ فَالْحَيْضُ الْأَسْوَدُ وَمَا قَبْلَهُ اسْتِحَاضَةٌ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَقْوَى فَهُوَ حَيْضٌ فَإِنْ كَانَ الَّذِي يَلِيه أَقْوَى مِنْ الثَّالِثِ وَلَمْ يَزِدْ مَجْمُوعُهُمَا عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ فَهُمَا مَعًا حَيْضٌ كَخَمْسَةٍ سَوَادٍ ثُمَّ خَمْسَةٍ حُمْرَةٍ ثُمَّ سِتَّةٍ فَأَكْثَرَ شُقْرَةٍ

فَلَوْ كَانَ الثَّالِثُ أَقْوَى مِنْ الثَّانِي كَخَمْسَةٍ سَوَادٍ ثُمَّ خَمْسَةٍ أَشْقَرَ ثُمَّ عَشَرَةٍ حُمْرَةٍ، فَالْحَيْضُ هُوَ الْأَسْوَدُ دُونَ الْأَشْقَرِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ، وَمِثْلُهُ قِيَاسًا مَا لَوْ رَأَتْ سَبْعَةً سَوَادًا ثُمَّ سَبْعَةً حُمْرَةً ثُمَّ سَبْعَةً سَوَادًا فَيَكُونُ حَيْضُهَا الْأَسْوَدَ الْأَوَّلَ وَمَا بَعْدَهُ طُهْرٌ، فَقَدْ سَوَّى بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَلَكِنَّهُ نَقَلَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي هَذِهِ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ أَنَّ حَيْضَهَا الْأَسْوَدُ الْأَوَّلُ مَعَ الْحُمْرَةِ وَأَقَرَّهُ، وَهُوَ مُشْكِلٌ بِمَسَائِلَ تَأْتِي عَنْهُ، وَتَرْجِيحُ التَّحْقِيقِ فِي الْأُولَى قَاضٍ بِمُخَالَفَةِ ابْنِ سُرَيْجٍ فِي هَذَا لِتَسَاوِيهِمَا وَقَدْ ذَكَرَ فِي عُبَابِ الْمُزَجَّدِ فِي هَذِهِ وَجْهَيْنِ، وَقَالَ الْأَقْوَمُ أَنَّ الْحَيْضَ هُوَ السَّوَادُ الْأَوَّلُ فَقَطْ، وَمِثْلُ الْمَسْأَلَةِ مَا لَوْ رَأَتْ ثَمَانِيَةً سَوَادًا ثُمَّ سَبْعَةً أَحْمَرَ ثُمَّ نِصْفَ يَوْمٍ أَسْوَدَ، فَالْحَيْضُ السَّوَادُ الْأَوَّلُ وَقَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ مَعَ الْحُمْرَةِ، وَلَمَّا ذَكَرَ فِي الرَّوْضَةِ مَسْأَلَةَ ابْنِ سُرَيْجٍ، قَالَ: وَحُكْمُهَا يُؤْخَذُ مِنْ شُرُوطِ التَّمْيِيزِ وَهُوَ يُشِيرُ إلَى مُخَالَفَتِهِ فَإِنَّ الْأَسْوَدَيْنِ لَا يُمْكِنُ كَوْنُهُمَا حَيْضًا لِتَفَاصُلِهِمَا، وَالْأَحْمَرُ ضَعِيفٌ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمَا فَكَيْفَ يَكُونُ هُوَ الْحَيْضُ وَالْقَوِيُّ بَعْدَهُ طُهْرًا؟ بَلْ يَكُونَانِ كَدَمٍ مُتَّحِدٍ فَرُجِّحَ السَّوَادُ الْأَوَّلُ لِسَبْقِهِ كَمَا ذَكَرْنَا عَنْ الْمُتَوَلِّي، وَيَأْتِي مَا يُؤَيِّدُهُ فَلَوْ رَأَتْ الْمُبْتَدِئَةُ مَا يُمْكِنُ كَوْنُهُ حَيْضًا وَطُهْرًا كَسِتَّةَ عَشَرَ دَمًا أَحْمَرَ، ثُمَّ بَعْدَهُ أَسْوَدَ دُونَ خَمْسَةَ عَشَرَ، فَالْأَسْوَدُ حَيْضٌ وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ الْقَطْعُ بِأَنَّ الْأَوَّلَ كُلَّهُ طُهْرٌ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَجِيءَ فِيهِمَا مَا فِي مَسْأَلَةِ مَنْ كَانَتْ عَادَتُهَا يَوْمًا وَلَيْلَةً مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ فَرَأَتْ أَوَّلَ شَهْرٍ سِتَّةَ عَشَرَ أَحْمَرَ ثُمَّ أَسْوَدَ وَالْمَذْهَبُ فِيهَا أَنَّ أَوَّلَ الشَّهْرِ حَيْضٌ بِالْعَادَةِ وَبَقِيَّةُ الْأَحْمَرِ طُهْرٌ لِصَلَاحِيَّتِهِ وَالْأَسْوَدُ حَيْضٌ لِقُوَّتِهِ وَأَنْ يَكُونَا كَالْمَسْأَلَةِ الَّتِي عَقِبِهَا، وَهِيَ أَنَّ الْأَسْوَدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>