للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَوْ جَاوَزَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَقَدْ فُقِدَ شَرْطُ التَّمْيِيزِ

فَيَوْمٌ وَلَيْلَةٌ مِنْ الْأَوَّلِ حَيْضٌ، وَخَمْسَةَ عَشَرَ طُهْرٌ كَامِلٌ، ثُمَّ هَلْ تُكْمِلُ بَقِيَّةَ الشَّهْرِ مِنْ الْأَسْوَدِ طُهْرًا أَطْلَقَ الْأَصْحَابُ كَوْنَهَا غَيْرَ مُمَيِّزَةٍ وَهُوَ يَقْتَضِي التَّكْمِيلَ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمُهَذَّبِ وَشَرْحِهِ، وَقَالَ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَنَقَلَ الشَّيْخُ فِي الْمُهَذَّبِ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ أَنَّ أَوَّلَ السَّوَادِ حَيْضٌ جَدِيدٌ فَهِيَ مُبْتَدِئَةٌ فَيَكُونُ مِنْهُ يَوْمًا وَلَيْلَةً عَلَى الْأَصَحِّ فِي الْمُبْتَدِئَةِ وَذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ ثُمَّ قَالَ: وَيَنْبَغِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ سُرَيْجٍ أَنْ تَكُونَ مُعْتَادَةً فَيَكُونُ حَيْضُهَا الْيَوْمَ الْأَوَّلَ وَاللَّيْلَةَ مِنْ الْأَسْوَدِ لِكَوْنِهَا مُعْتَادَةً بِالْحُكْمِ الْأَوَّلِ ثُمَّ تَطْهُرُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا كَالطُّهْرِ الْأَوَّلِ، وَبِقَوْلِ ابْنِ سُرَيْجٍ هَذَا جَزَمَ الْمُزَجَّدُ فِي عُبَابِهِ، وَبِكَوْنِهَا مُعْتَادَةً، وَأَظُنُّهُ أَخَذَ بِكَلَامٍ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي آخِرِ نَقْلِ كَلَامِ ابْنِ سُرَيْجٍ أَوْهَمَ فِيهِ أَنَّهُ صَحَّحَهُ وَلَيْسَ كَمَا أَوْهَمَ فَقَدْ صَرَّحَ قَبْلُ بِأَنَّ الْمَذْهَبَ خِلَافُهُ كَمَا ذَكَرْنَا عَنْهُ الْآنَ، وَتَصْحِيحُهُ الْأَخِيرُ رَاجِعٌ لِغَيْرِ ذَلِكَ يَعْرِفُهُ مَنْ اسْتَوْفَى تَدَبَّرْهُ، وَإِنْ كَانَ هُوَ قِيَاسُ الْمُعْتَادَةِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا احْتَمَلْنَاهُ هُنَا عَلَى أَنَّهُ مَرْجُوحٌ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْعَادَةَ أَصْلٌ بُنِيَ عَلَيْهِ فَأَخَذْنَا بِهِ حَيْثُ لَا مُعَارِضَ، ثُمَّ حُدُوثُ الْقَوِيِّ وَقَعَ بَعْدَ طُهْرٍ كَامِلٍ فَكَأَنَّهُ دَمٌ وَقَعَ بَعْدَ نَقَاءٍ يَصْلُحُ طُهْرًا، وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِعَيْنِ الْمَسْأَلَةِ، أَمَّا لَوْ كَانَ الْأَسْوَدُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الشَّهْرِ فَلَا شَكَّ فِي كَوْنِهِ حَيْضًا إنْ كَانَ صَلَحَ لِلْحَيْضِ وَإِلَّا، فَمُبْتَدِئَةٌ غَيْرُ مُمَيِّزَةٍ فَإِنْ اتَّصَلَ بِآخِرِ الشَّهْرِ فَحَيْضُهَا أَوَّلَهُ وَإِلَّا فَمِنْ أَوَّلِ الدَّمِ الْكَائِنِ فِيهِ، مِثَالُهُ: رَأَتْ شَهْرًا أَحْمَرَ فَقَطْ أَوْ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْهُ نَقَاءٌ ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهَا أَسْوَدُ أَوَّلَ الثَّانِي، فَلَهَا أَوَّلَ الشَّهْرِ الْأَوَّلِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ حَيْضٌ وَبَاقِيهِ طُهْرٌ، ثُمَّ إنْ كَانَ انْقَطَعَ الْأَسْوَدُ لِدُونِ عَشْرٍ فَكُلُّهُ حَيْضٌ فَإِنْ اتَّصَلَ بِهِ دَمٌ أَضْعَفُ مِنْهُ حَتَّى جَاوَزَهَا، فَهِيَ مُمَيِّزَةٌ فَتَنْتَقِلُ لِحُكْمِ التَّمْيِيزِ، فَلَا يُحْكَمُ بِكَوْنِهِ حَيْضًا مَا لَمْ يَنْقَطِعْ ثُمَّ تَرَى غَيْرَهُ أَوْ يَتَغَيَّرُ بِأَقْوَى فَإِنْ لَمْ يَحْدُثْ الْأَسْوَدُ بَعْدَ النَّقَاءِ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ أَوَّلِ الشَّهْرِ وَجَاوَزَ، فَلَهُ حُكْمُ الْأَوَّلِ فِي قَدْرِ الْحَيْضِ، وَتَكُونُ بِهِ مُعْتَادَةً حَيْضُهَا يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ مِنْ أَوَّلِهِ وَطُهْرُهَا بِقَدْرِ مَا بَيْنَ حَيْضَتَيْهَا فِي هَذَا، وَالشَّهْرِ الْأَوَّلِ.؟

(تَنْبِيهٌ) الدَّمُ إذَا كَانَ أَحْمَرَ وَفِيهِ خُطُوطٌ سُودٌ كَالْأَسْوَدِ الْخَالِصِ الْمُتَّصِلِ كَمَا فَهِمَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ كَلَامِهِمْ وَأَقَرَّهُ النَّوَوِيُّ، وَقَالَ: صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ، وَكَذَا مَا تَخَلَّلَ بَيْنَ الْأَسْوَدَيْنِ مِنْ حُمْرَةٍ أَوْ نَقَاءٍ إذَا جُعِلَا كَالْمُتَّصِلِ كَمَا ذَكَرُوهُ.

(خَاتِمَةٌ) إذَا فَرَّعْنَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَنْقُولَةِ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ فِيمَنْ رَأَتْ سَبْعَةً وَسَبْعَةً سَوَادًا بَيْنَهُمَا حُمْرَةٌ يَوْمَيْنِ فَأَكْثَرَ أَوْ ثَمَانِيَةً أَسْوَدَ ثُمَّ سَبْعَةً أَحْمَرَ ثُمَّ نِصْفَ يَوْمٍ أَسْوَدَ، فَمَا بَعْدَ الْحَيْضِ طُهْرٌ إلَى آخِرِ الشَّهْرِ بِلَا شَكٍّ أَنْ يَحْدُثَ سَوَادٌ أَقْوَى مِنْ الْأَوَّلَيْنِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَيْضِ خَمْسَةَ عَشَرَ فَيَكُونُ حَيْضًا آخَرَ إنْ كَانَ انْقَطَعَ لِخَمْسَةَ عَشَرَ فَأَقَلَّ، وَكَذَا فِيمَا بَعْدَ الشَّهْرِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ مُمَيِّزَةً إلَّا أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ إنَّهَا فِي الْأَصْلِ مُبْتَدِئَةٌ غَيْرُ مُمَيِّزَةٍ، حَيْضُهَا يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ مِنْ السَّبْعِ الْأُولَى بِمُقْتَضَى قَوْلِ الرَّوْضَةِ: (إنَّهَا تُؤْخَذُ مِنْ شُرُوطِ التَّمْيِيزِ وَلَا يُنْظَرُ إلَى تَرْجِيحِ السَّبْقِ) فَيَكُونُ حَيْضُهَا فِي كُلِّ شَهْرٍ يَوْمًا وَلَيْلَةً مِنْ أَوَّلِهِ، وَطُهْرُهَا بَاقِيهِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى قَوَاعِدِ الْمُخْتَصَرَاتِ، وَكَلَامُ الْمَجْمُوعِ وَالرَّوْضَةِ فِيمَنْ رَأَتْ يَوْمًا وَلَيْلَةً دَمًا أَسْوَدَ ثُمَّ أَرْبَعَةَ عَشَرَ نَقَاءً ثُمَّ أَسْوَدَ أَنَّهَا غَيْرُ مُمَيِّزَةٍ كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا، وَكَذَا حُكْمُ مَنْ رَأَتْ ثَمَانِيَةً وَثَمَانِيَةً بَيْنَهُمَا حُمْرَةٌ كَمَا يَأْتِي أَيْضًا.

وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي الْكُلِّ يَقْتَضِي أَنَّهَا غَيْرُ مُمَيِّزَةٍ فَتَحِيضُ يَوْمًا وَلَيْلَةً وَتَطْهُرُ كَمَا قُلْنَا آخِرَ الشَّهْرِ، وَلَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِكَوْنِ الْأَسْوَدِ الْأَوَّلِ حَيْضًا، وَإِنْ كَثُرَ فَلِذَلِكَ اقْتَصَرَ الْمُتَأَخِّرُونَ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ كَوْنَهُ حَيْضًا فِي الْمَجْمُوعِ نَقْلًا عَنْ الْأَئِمَّةِ وَأَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فَلِذَلِكَ قَوِيَ الْإِشْكَالُ، وَاَللَّهُ يُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ.

وَلَمْ أَرَ مَنْ حَلَّ إشْكَالَهَا تَصْرِيحًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ثُمَّ نَذْكُرُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْقِسْمَيْنِ مِنْ الْمَسَائِلِ الْمُرَادَةِ لِمَا ذَكَرْنَا عَنْ الْمَجْمُوعِ.

(مَسْأَلَةٌ) رَأَتْ نِصْفَ يَوْمٍ أَسْوَدَ ثُمَّ أَطْبَقَتْ الْحُمْرَةُ، فَهِيَ غَيْرُ مُمَيِّزَةٍ إذْ لَا يَصْلُحُ الْأَسْوَدُ لِلْحَيْضِ وَحْدَهُ وَكَذَا لَوْ رَأَتْ الْأَسْوَدَ سِتَّةَ عَشَرَ ثُمَّ الْأَحْمَرَ كَذَلِكَ أَوْ أَقَلَّ قَالَ، وَكَذَا لَوْ رَأَتْ يَوْمًا وَلَيْلَةً أَسْوَدَ ثُمَّ أَرْبَعَةَ عَشَرَ أَحْمَرَ ثُمَّ عَادَ الْأَسْوَدُ وَهُوَ مُشْكِلٌ بِمَسْأَلَةِ السَّبْعَاتِ الْمَذْكُورَةِ وَبِالْمَسَائِلِ الْآتِيَةِ، فَإِنَّ مُقْتَضَاهُمَا حَيْثُ حَكَمْنَا بِكَوْنِ السَّوَادِ الْأَوَّلِ حَيْضًا

<<  <  ج: ص:  >  >>