عَشَرَ يَوْمًا بِمَا تَخَلَّلَهُ إنْ كَانَ حُكِمَ لَهُ بِحُكْمِهِ، وَجَوَابُهُ الْحُكْمُ لِمَا قُلْنَا بِأَنَّهُ حَيْضٌ بِالْقُوَّةِ بِالسَّبْقِ فِي الثَّلَاثِ الْأُوَلِ وَبِصَلَاحِيَّتِهِ لِلْحَيْضِ دُونَ الْأَوَّلِ لِقِلَّتِهِ فِي الْأَخِيرِ
وَالْمُتَخَلِّلُ غَيْرُ مُلْحَقٍ بِهِ فَهُوَ طُهْرٌ لَكِنْ فِيهِ إشْكَالٌ آخَرُ فِي الثَّلَاثِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْقُوَّةَ بِالسَّبْقِ قَالَ فِيهِ الرَّافِعِيُّ: وَهُوَ مَوْضِعُ تَأَمُّلٍ، وَفِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ حَكَمُوا بِالِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّ السَّوَادَ الْمَذْكُورَ حَيْضٌ، وَإِنْ كَثُرَ فَلْيَكُنْ الِاتِّفَاقُ عَلَى هَذِهِ دَلِيلًا لِلْقُوَّةِ بِالسَّبْقِ وَبَقِيَ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ أَيْضًا إشْكَالٌ بِمَا فِي النَّمَطِ الثَّانِي. ثَانِيهَا: مَنْ رَأَتْ الْأَسْوَدَ سِتَّةَ عَشَرَ ثُمَّ الْأَحْمَرَ كَذَلِكَ وَمَنْ رَأَتْ يَوْمًا وَلَيْلَةً أَسْوَدَ، ثُمَّ أَرْبَعَةَ عَشَرَ أَحْمَرَ ثُمَّ عَادَ الْأَسْوَدُ وَدَامَ وَمَنْ رَأَتْ خَمْسَةً حُمْرَةً ثُمَّ نِصْفَ يَوْمٍ أَسْوَدَ، ثُمَّ أَطْبَقَتْ الْحُمْرَةُ حَتَّى جَاوَزَتْ، وَمَنْ رَأَتْهَا يَوْمًا وَلَيْلَةً أَسْوَدَ ثُمَّ مِثْلَهُ أَحْمَرَ ثُمَّ كَذَلِكَ أَسْوَدَ ثُمَّ مِثْلَهُ أَحْمَرَ وَتَكَرَّرَ حَتَّى جَاوَزَ، وَمَنْ رَأَتْ خَمْسَةَ عَشَرَ أَحْمَرَ ثُمَّ مِثْلَهَا أَسْوَدَ بِلَا نَتْنٍ ثُمَّ مِثْلَهَا مُنْتِنًا حَيْثُ قُلْنَا فِي الْكُلِّ تَحِيضُ يَوْمًا وَلَيْلَةً مِنْ أَوَّلِ الدَّمِ ثُمَّ تَطْهُرُ بَاقِيَ الشَّهْرِ عَلَى قَاعِدَةِ عَدَمِ التَّمْيِيزِ، وَإِشْكَالُهَا فِي مَسْأَلَةِ سِتَّةَ عَشَرَ ثُمَّ مَثَّلَهَا بِمَا قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ فِيمَنْ رَأَتْ سِتَّةَ عَشَرَ أَحْمَرَ ثُمَّ اسْتَمَرَّ الْأَسْوَدُ مِثْلُهَا أَوْ أَكْثَرُ حَيْثُ حَكَمَ بِأَنَّ لَهَا مِنْ أَوَّلِ كُلِّ دَمٍ يَوْمًا وَلَيْلَةً حَيْضًا فَهَلَّا كَانَتْ هَذِهِ عِنْدَهُ كَذَلِكَ أَمَّا عَلَى مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ الْمُصَرَّحِ بِهِ فِيهِ، فَلَا إشْكَالَ، وَهَذِهِ الْأَخِيرَةُ دَلِيلٌ لَهُ وَإِشْكَالُ مَسْأَلَةِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ أَسْوَدَ ثُمَّ أَرْبَعَةَ عَشَرَ أَحْمَرَ ثُمَّ أَسْوَدَ مُسْتَمِرًّا بِالْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ فِي النَّمَطِ الْأَوَّلِ
فَإِنَّ الْأَسْوَدَ الْأَوَّلَ صَالِحٌ لِلْحَيْضِ وَلَا يَصْلُحُ جَمْعُهُ مَعَ الْأَخِيرِ فَلْتَكُنْ مُمَيِّزَةً بِالْأَوَّلِ مِثْلَهُنَّ حَتَّى لَوْ زَادَ عَلَى يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ كَانَ كُلُّهُ حَيْضًا، أَوْ لِتَكُنْ الثَّلَاثُ مِثْلَهَا فَتَحِيضُ يَوْمًا وَلَيْلَةً كُلُّهُنَّ مِنْ أَوَّلِ الدِّمَاءِ بِحُكْمِ عَدَمِ التَّمْيِيزِ، وَمِثْلُ هَذِهِ مَنْ رَأَتْ يَوْمًا وَلَيْلَةً أَسْوَدَ ثُمَّ مِثْلَهَا أَحْمَرَ وَتَكَرَّرَ حَتَّى جَاوَزَ، فَإِنَّ الدَّمَ الْأَوَّلَ سَابِقٌ صَالِحٌ لِلْحَيْضِ، فَقِيَاسُ الثَّلَاثِ الْأُوَلِ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْحَيْضُ وَإِنْ زَادَ عَلَى يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ أَوْ يُضَمُّ إلَيْهِ كُلُّ سَوَادٍ فِي الْخَمْسَةَ عَشَرَ وَمَا بَيْنَهُمَا مِنْ حُمْرَةٍ لِصَلَاحِيَتِهِمَا جَمِيعًا لَهُ وَانْفِصَالِ مَا بَعْدَهَا عَنْهُ مَعَ قُوَّةِ الْأَوَّلِ بِالسَّبْقِ، لَكِنْ بَيْنَ صُورَتَيْ الْمَسْأَلَتَيْنِ فَرْقٌ، وَهُوَ أَنَّ السَّوَادَ هُنَا تَكَرَّرَ فِي الْخَمْسَةَ عَشَرَ بِخِلَافِ أُولَئِكَ، فَلَعَلَّهُمْ لِتَكَرُّرِهِ فِيهَا جَعَلُوهُ كَالْمُتَّصِلِ الْمَحْضِ وَأَلْحَقُوهُ بِمَا بَعْدَهَا لِاتِّحَادِ صِفَةِ الدِّمَاءِ، مَعَ أَنَّ عَوْدَ الدَّمِ بِصِفَةٍ مُتَكَرِّرَةٍ يَدُلُّ عَلَى كَوْنِهَا دَمًا وَاحِدًا فَلْيُحَرَّرْ، وَمِثْلُهَا مَسْأَلَةُ مَنْ رَأَتْ خَمْسَةَ عَشَرَ حُمْرَةً ثُمَّ مِثْلَهَا سَوَادًا ثُمَّ أَقْوَى مِنْهُ بِثِخَنٍ حَيْثُ حُكِمَ بِأَنَّهَا غَيْرُ مُمَيِّزَةٍ، مَعَ أَنَّ سَوَادَهَا صَالِحٌ لِلْحَيْضِ لَكِنَّهُ بِقُوَّةِ مَا عَقِبَهُ صَارَ ضَعِيفًا بِالْحُكْمِ إذْ لَوْ قُضِيَ بِكَوْنِهِ حَيْضًا فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ حُكِمَ بِأَنَّ مَا بَعْدَهُ حَيْضٌ فِي الثَّانِي وَاتَّصَلَ حَيْضَانِ مِنْ غَيْرِ طُهْرٍ بَيْنَهُمَا نَعَمْ قَدْ قُلْنَا فِي الشَّهْرِ الثَّانِي يُنْظَرُ إنْ كَانَ عَقِبَهُ أَقْوَى مِنْهُ، وَانْقَطَعَ لِخَمْسَةَ عَشَرَ فَأَقَلَّ بِنَقَاءٍ أَوْ ضَعِيفٍ، فَهُوَ الْحَيْضُ وَمَا قَبْلَهُ طُهْرٌ، وَكَذَا لَوْ عَقِبَ الْأَوَّلَ أَضْعَفُ مِنْهُ أَوْ نَقَاءٌ قَبْلَ مُجَاوَزَةِ الْأَكْثَرِ.
فَالْأَوَّلُ حَيْضُ هَذَا الشَّهْرِ بِالتَّمْيِيزِ كَمَا سَبَقَ وَلْيَرُدَّ النَّظَرَ فِيهَا، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ مَنْ رَأَتْ خَمْسَةً حُمْرَةً ثُمَّ نِصْفَ يَوْمٍ أَسْوَد ثُمَّ اسْتَمَرَّ الْأَحْمَرُ حَيْثُ قُلْنَا هِيَ غَيْرُ مُمَيِّزَةٍ فَيَكُونُ حَيْضُهَا يَوْمًا وَلَيْلَةً مِنْ أَوَّلِهِ، فَإِشْكَالُهَا مِنْ حَيْثُ اعْتَبَرَ الْقُوَّةَ بِالسَّبْقِ حَيْثُ حَصَلَ بَيْن الدَّمَيْنِ مَا يُخَالِفهُمَا لَكِنَّهُ هُنَا أَقْوَى، فَلَمَّا لَمْ يُعْتَبَرْ قُوَّتُهُ جُعِلَ كَدَمٍ أَحْمَرَ أَوْ نَقَاءٍ، وَكِلَاهُمَا لَا تَمْيِيزَ مَعَهُ. ثَالِثُهَا: مَنْ رَأَتْ ثَلَاثَةً دَمًا ثُمَّ اثْنَيْ عَشَرَ نَقَاءً ثُمَّ ثَلَاثَةً دَمًا، وَانْقَطَعَ أَوْ يَوْمًا فَأَقَلَّ دَمًا ثُمَّ اثْنَيْ عَشَرَ نَقَاءً ثُمَّ ثَلَاثَةً دَمًا وَانْقَطَعَ حَيْثُ حَكَمُوا بِالِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّ الْحَيْضَ فِي الْأُولَى الدَّمُ الْأَوَّلُ وَفِي الْأَخِيرَةِ الْأَخِيرُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَالْإِشْكَالُ فِي الْأُولَى مِنْ حَيْثُ إنَّهَا عَلَى قَاعِدَةِ مَنْ لَمْ تُمَيِّزْ، فَلْيَكُنْ لَهَا يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ مِنْ الْأَوَّلِ حَيْضًا وَبَاقِيهِ طُهْرًا، وَقَدْ قَالَ فِيهَا الْمَرَاغِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ، كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ شَيْخُنَا أَنَّ لَهَا حُكْمُ الْمُسْتَحَاضَةِ عَلَى أَشْهَرِ الْوَجْهَيْنِ، وَهُوَ يُعْطِي مَا ذَكَرْنَاهُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْوَجْهَيْنِ فِيهَا مَشْهُورَانِ، وَلَكِنَّ نَفْيَ الْخِلَافِ فِيهَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَقِلَّةٌ ذَكَرَهَا فِي الْمُصَنَّفَاتِ بِعَيْنِهَا يُخَالِفُهُ، وَتَحَيُّضُهَا الثَّلَاثَ دَلِيلٌ لِقُوَّةِ السَّبْقِ كَمَا فِي مَسَائِلِ النَّمَطِ الْأَوَّلِ.
وَكَذَا إلْغَاءُ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ مَعَ صَلَاحِيَّتِهِ لِاجْتِمَاعِهِ بِبَعْضِ الثَّلَاثِ الْأَخِيرَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ لِيَكُونَا حَيْضًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute