للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا لَا يَصْلُحُ لِلْحَيْضِ لِقِلَّتِهِ يَكُونُ كَالنَّقَاءِ، وَأَنَّ الدَّمَ الْمُتَّصِلَ أَوْلَى بِكَوْنِ حُكْمِهِ وَاحِدًا، وَكَذَلِكَ مَسْأَلَةُ مَنْ رَأَتْ خَمْسَةً أَسْوَدَ ثُمَّ عَشْرَةً أَحْمَرَ ثُمَّ نِصْفَ يَوْمٍ أَسْوَدَ حَيْثُ أُلْغِيَ الْأَخِيرُ بِالِاتِّفَاقِ، وَمِثْلُهَا مَسْأَلَةُ مَنْ رَأَتْ خَمْسَةً أَحْمَرَ ثُمَّ يَوْمًا فَقَطْ أَسْوَدَ ثُمَّ خَمْسَةً أَحْمَرَ فَلَا حُكْمَ لِلسَّوَادِ بِلَا شَكٍّ كَمَا سَبَقَ وَتَكُونُ غَيْرَ مُمَيِّزَةٍ وَمِثْلُهَا مَسْأَلَةُ مَنْ رَأَتْ خَمْسَةَ عَشَرَ حُمْرَةً وَبَعْدَهَا أَوْ قَبْلَهَا نِصْفَ يَوْمٍ أَسْوَدَ حَيْثُ أُلْغِيَ، وَجُعِلَ الْأَحْمَرُ كُلُّهُ حَيْضًا وَلَمْ يُذْكَرُ فِيهِ خِلَافٌ، وَهُوَ مُشْكِلٍ إذْ أَقَلُّ أَحْوَالِهِ أَنْ يَكُونَ كَدَمٍ أَحْمَرَ فَيَكُونَ كَمَنَ رَأَتْ خَمْسَةَ عَشَرَ وَنِصْفَ يَوْمٍ دَمًا أَحْمَرَ، فَتَكُونُ غَيْرَ مُمَيِّزَةٍ كَالْأُولَى فَتَحِيضُ يَوْمًا وَلَيْلَةً مِنْ أَوَّلِهِ فَعُدِمَ الْخِلَافُ فِيهَا وَفِي مَسْأَلَةِ أَوَّلِ هَذَا النَّمَطِ فِيهِ بِقُوَّتِهِ لِمَا فِي النَّمَطِ الْأَوَّلِ مِنْ كَوْنِ اخْتِلَافِ الدِّمَاءِ وَانْفِصَالِهَا لَهُ أَثَرٌ فِي عَدَمِ إعْطَاءِ الْمُتَّصِلِ حُكْمًا وَاحِدًا، وَإِنَّمَا قُلْنَا فِي الْأُولَى بِعَدَمِ التَّمْيِيزِ لِكَوْنِ الْأَحْمَرَيْنِ كَالْوَاحِدِ وَمَا بَيْنَهُمَا كَالْعَدَمِ فَهَذَا فَارِقٌ بَيْنَهُمَا.

(خَاتِمَةٌ) قَدْ يُؤْخَذُ بِالتَّأَمُّلِ الْجَمْعُ بَيْنَ مَا ذُكِرَ بِأَنَّ كُلَّ دَمٍ مُتَطَرِّفٍ دُونَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لَا يُمْكِنُ اجْتِمَاعُهُ مَعَ مَا يَتَّصِلُ بِهِ بِغَيْرِ صِفَتِهِ يَكُونُ كَالنَّقَاءِ الْمَحْضِ، كَمَا فِي مَسْأَلَةِ مَنْ رَأَتْ نِصْفَ يَوْمٍ أَسْوَدَ ثُمَّ مِثْلَهُ أَحْمَرَ ثُمَّ خَمْسَةَ عَشَرَ أَسْوَدَ، وَمَسْأَلَةُ خَمْسَةَ عَشَرَ حُمْرَةً مَعَ نِصْفِ يَوْمٍ قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا أَسْوَدَ حَيْثُ حَكَمُوا بِأَنَّ الْخَمْسَةَ عَشَرَ فِيهِنَّ حَيْضٌ، وَأَنَّ مَا تَوَسَّطَ دَمَيْنِ دُونَهُ فَهُوَ مِثْلُهُمَا كَمَسْأَلَةِ خَمْسًا حُمْرَةً ثُمَّ نِصْفَ يَوْمٍ أَسْوَدَ ثُمَّ أَطْبَقَ الْأَحْمَرُ حَيْثُ جَعَلُوهَا غَيْرَ مُمَيِّزَةٍ، وَإِنَّ الدِّمَاءَ إذَا تَكَرَّرَتْ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ مَعَ فَصْلِ نَقَاءٍ أَوْ ضَعِيفٍ بَيْنَهَا بِحَيْثُ يُمْكِنُ جَمْعُهَا حَيْضًا ثُمَّ اسْتَمَرَّ تَكَرُّرُهَا حَتَّى جَاوَزَ خَمْسَةَ عَشَرَ تَكُونُ غَيْرَ مُمَيِّزَةٍ وَلَا قُوَّةَ لِلْأَوَّلِ كَمَسْأَلَةِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ أَوْ ثَلَاثٍ أَسْوَدَ ثُمَّ كَذَا أَحْمَرَ، وَهَكَذَا حَتَّى جَاوَزَ حَيْثُ قَالَ: هِيَ غَيْرُ مُمَيِّزَةٍ حَيْضُهَا يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ مِنْ أَوَّلِهِ ثُمَّ تَطْهُرُ إلَى آخِرِ الشَّهْرِ، وَإِنْ لَمْ تَتَكَرَّرْ فِي الْخَمْسَةَ عَشَرَ بِحَيْثُ يُمْكِنُ اجْتِمَاعُهُمَا، وَفَصَلَ بَيْنَ الدَّمَيْنِ نَقَاءٌ أَوْ ضَعِيفٌ.

فَإِنْ صَلَحَ أَحَدُهُمَا لِلْحَيْضِ دُونَ الْآخَرِ، فَهُوَ الْحَيْضُ كَمَسْأَلَةِ يَوْمٍ بِلَا لَيْلَةٍ دَمًا ثُمَّ اثْنَيْ عَشَرَ نَقَاءً ثُمَّ ثَلَاثًا دَمًا حَيْثُ جَعَلُوا الْحَيْضَ الْأَخِيرَ، وَأَنَّ الدَّمَ الْمُتَّصِلَ أَوْلَى مِنْ لَفْقِ بَعْضِهِ بِغَيْرِهِ دُونَ بَعْضِهِ كَهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إلَّا أَنْ تَقْتَضِيَهُ عَادَتُهَا فِي الْمُعْتَادَةِ، وَإِنْ صَلُحَا لِلْحَيْضِ، فَالْأَوَّلُ هُوَ الْحَيْضُ دُونَ الْبَاقِي كَمَسْأَلَةِ مَنْ رَأَتْ ثَلَاثًا دَمًا ثُمَّ اثْنَيْ عَشَرَ نَقَاءً ثُمَّ ثَلَاثًا دَمًا حَيْثُ قَالُوا الْحَيْضُ الْأَوَّلُ، وَمَسْأَلَةُ سَبْعٍ وَسَبْعٍ وَسَبْعٍ وَثَمَانٍ وَثَمَانٍ سَوَادًا بَيْنهمَا سَبْعٌ حُمْرَةٌ حَيْثُ جَعَلُوا السَّوَادَ الْأَوَّلَ كُلَّهُ حَيْضًا، وَزَادَ ابْنُ سُرَيْجٍ الْحُمْرَةَ الْمُتَخَلِّلَةَ مَعَهُ عَلَى مَا سَبَقَ.

الثَّالِثَةُ: الْمُعْتَادَةُ الْمُمَيِّزَةُ بِأَنْ يَكُونَ لَهَا عَادَةٌ فِي الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ ثُمَّ يَحْدُثُ عَلَيْهَا فِي بَعْضِ الْأَدْوَارِ دَمَانِ أَوْ دِمَاءٌ مُخْتَلِفَةٌ بِالْقُوَّةِ وَالضَّعْفِ كَمَا فِي الْمُبْتَدِئَةِ، كَمَا لَوْ كَانَتْ فِي الْعَادَةِ تَحِيضُ خَمْسًا مِنْ كُلِّ شَهْرٍ فَرَأَتْ فِي شَهْرٍ أَوَّلَهُ خَمْسًا أَحْمَرَ ثُمَّ خَمْسَةَ عَشَرَ أَسْوَدَ أَوْ رَأَتْ أَوَّلَهُ ثَلَاثًا أَسْوَدَ ثُمَّ بَاقِيَهُ أَحْمَرَ، وَفِيهَا وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا تُرَدُّ إلَى عَادَتِهَا قَدْرًا وَوَقْتًا كَمَا سَيَأْتِي فِي غَيْرِ الْمُمَيِّزَةِ، فَحَيْضُهَا خَمْسٌ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَالثَّانِي، وَهُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ أَصْحَابِنَا إلَّا النَّادِرَ اعْتِبَارُ التَّمْيِيزِ فِيهَا كَالْمُبْتَدِئَةِ فِي كُلِّ مَا سَبَقَ، فَحَيْضُهَا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ السَّوَادُ وَكَذَا لَوْ ظَهَرَ الْقَوِيُّ فِي غَيْرِ وَقْتِهَا كَأَنْ رَأَتْ أَوَّلَ الشَّهْرِ أَحْمَرَ ثُمَّ نِصْفَهُ الْآخَرَ أَسْوَدَ ثُمَّ أَحْمَرَ مُسْتَمِرًّا، فَحَيْضُهَا عَلَى الْأَصَحِّ الْأَسْوَدُ.

وَعَلَى الْأَوَّلِ خَمْسٌ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ وَبَاقِي الشَّهْرِ طُهْرٌ فَلَوْ رَأَتْ الْخَمْسَ الْأَوَّلَ أَسْوَدَ وَبَاقِيَ الشَّهْرِ أَحْمَرَ، أَوْ فِي آخِرِهِ شَيْئًا أَسْوَدَ فَحَيْضُهَا الْخَمْسُ الْأُوَلُ وَبَاقِيهِ طُهْرٌ عَلَى الْوَجْهَيْنِ. الرَّابِعَةُ: الْمُعْتَادَةُ غَيْرُ الْمُمَيِّزَةِ بِأَنْ سَبَقَ لَهَا حَيْضٌ وَطُهْرٌ وَلَا تَمْيِيزَ لَهَا وَهِيَ ذَاكِرَةٌ وَقْتَهُمَا وَقَدْرَهُمَا فَتُرَدُّ إلَيْهِمَا قَدْرًا وَوَقْتًا، وَلَوْ لَمْ يَتَكَرَّرْ لَهَا ذَلِكَ كَمَا سَبَقَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا إذَا لَمْ يَخْتَلِفْ الدَّم أَنَّ حَيْضَهَا الْخَمْسُ الْأُوَلُ حَتَّى لَوْ رَأَتْ الْمُبْتَدِئَةُ حَيْضًا وَطُهْرًا بِحُكْمِ التَّمْيِيزِ صَارَتْ عَادَةً لَهَا تَعْمَلُ بِهَا فِيمَا بَعْدُ كَأَنْ رَأَتْ شَهْرًا أَوَّلَهُ أَحْمَرَ ثُمَّ خَامِسَهُ أَسْوَدَ إلَى سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَمَرَّ أَحْمَرَ إلَى آخِرِهِ ثُمَّ رَأَتْ أَسْوَدَ مُسْتَمِرًّا، فَحَيْضُهَا سِتٌّ مِنْ أَوَّلِهِ، أَيْ الْأَسْوَدِ وَبَعْدَهَا عِشْرُونَ طُهْرًا وَيَصِيرُ دَوْرُهَا سِتًّا وَعِشْرِينَ، فَلَوْ رَأَتْ مُبْتَدِئَةٌ أَوَّلَ الشَّهْرِ خَمْسًا أَحْمَرَ ثُمَّ عِشْرِينَ نَقَاءً ثُمَّ دَمًا مُسْتَمِرًّا بِأَيِّ صِفَةٍ، فَحَيْضُهَا خَمْسٌ مِنْ أَوَّلِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>