فِي شُمُولِ الْوَلَدِ لِوَلَدِ الْوَلَدِ بِأَدْنَى قَرِينَةٍ، فَكَذَا فِي الْعُتَقَاءِ الْمَذْكُورِينَ فِي السُّؤَالِ يُكْتَفَى فِي شُمُولِهِمْ لِأَوْلَادِهِمْ بِأَدْنَى قَرِينَةٍ، وَلَا شَكَّ أَنَّ قَوْلَ الْوَاقِفِ عَلَيْهِمْ وَمَنْ تُوُفِّيَ مِنْهُمْ وَلَهُ وَلَدٌ أَوْ وَلَدُ وَلَدٍ أَوْ أَسْفَلُ مِنْ ذَلِكَ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ انْتَقَلَ إلَى بَاقِي الْعُتَقَاءِ الْمَذْكُورِينَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ بِقَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى أَنْ يَبْقَى مِنْ الْعُتَقَاءِ الْمَذْكُورِينَ إلَخْ مَا يَشْمَلُ الْعُتَقَاءَ حَقِيقَةً وَأَوْلَادَهُمْ وَإِنْ سَفَلُوا مَجَازًا
فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ فَإِنَّك إذًا لَا تَجِدُ بَيْنَ هَذِهِ وَالْقَرِينَةِ الَّتِي فِي كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَغَيْرِهِ فَرْقًا أَصْلًا بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ، بَلْ هَذِهِ الْقَرِينَةُ أَوْضَحُ وَأَقْوَى؛ لِأَنَّ هَذِهِ قَرِينَةٌ لَفْظِيَّةٌ مُتَّصِلَةٌ وَتِلْكَ قَرِينَةٌ حَالِيَّةٌ مُنْفَصِلَةٌ، وَالْقَرِينَةُ اللَّفْظِيَّةُ أَقْوَى؛ لِأَنَّ الْحَالِيَّةَ قَدْ يُغْفَلُ عَنْهَا عَلَى أَنَّ تِلْكَ الْقَرِينَةَ لَا تَتِمُّ لِابْنِ الرِّفْعَةِ فِي سَائِرِ صُوَرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَإِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ الْمَذْكُورِ فِي الْوَصِيَّةِ: أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِ وَلَدَيْهِ وَلَا وَلَدَ لَهُ ثُمَّ مَاتَ عَنْ بِنْتٍ وَبِنْتِ ابْنٍ وَعَصَبَةٍ كَانَ الْحُكْمُ كَمَا مَرَّ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِحَالَةِ الْمَوْتِ لَا الْوَصِيَّةِ مَعَ أَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَتَأَتَّى جَوَابُ ابْنِ الرِّفْعَةِ لِانْتِفَاءِ الْقَرِينَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا، فَلَا مُسَاغَ إلَّا أَنْ يُقَالَ: يُحْتَمَلُ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ جَوَابِ ابْنِ الرِّفْعَةِ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَأْخُذُ مِثْلَ نَصِيبِ الْبِنْتِ.
وَلَا تَدْخُلُ بِنْتُ الِابْنِ لِعَدَمِ الْقَرِينَةِ الدَّالَّةِ عَلَى دُخُولِ وَلَدِ الْوَلَدِ فِي الْوَلَدِ أَوْ يُقَالُ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَأْخُذَ مِثْلُ نَصِيبِ بِنْتِ الِابْنِ، وَالْقَرِينَةُ عَلَى شُمُولِ الْوَلَدِ لَهَا: أَنَّ الْمَدَارَ فِي الْإِعْطَاءِ بِالْوَصِيَّةِ عَلَى الْيَقِينِ، وَهُوَ السُّدُسُ الَّذِي هُوَ مِثْلُ نَصِيبِ بِنْتِ الِابْنِ لَا النِّصْفُ الَّذِي هُوَ مِثْلُ نَصِيبِ الْبِنْتِ، فَتَكُونُ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ الْمُقَرَّرَةُ قَرِينَةً عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ أَدْنَى أَنْصِبَاءِ أَهْلِ التَّرِكَةِ، وَيَلْزَمُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ وَلَدٌ وَوَلَدُ وَلَدٍ، وَكَانَ نَصِيبُ وَلَدِ الْوَلَدِ أَقَلَّ أُعْطِيَ الْمُوصَى لَهُ مِثْلَ نَصِيبِ وَلَدِ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ الْأَقَلُّ، وَالْأَقْرَبُ الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ فَإِنْ قُلْت: إنَّمَا تَتِمُّ الْقَرِينَةُ فِي الصُّورَةِ الَّتِي حَكَاهَا الْقَاضِي عَنْ الشَّافِعِيِّ وَهِيَ مَا سَبَقَ فِي قَوْلِهِ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِ وَلَدَيْهِ، لَا فِي الصُّورَةِ الَّتِي حَكَاهَا الْمُتَوَلِّي عَنْ الشَّافِعِيِّ حَيْثُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْوَصَايَا: لَوْ أَوْصَى لِإِنْسَانٍ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِ أَوْلَادِهِ وَلَهُ بِنْتٌ وَبِنْتُ ابْنٍ أُعْطِيَ الْمُوصَى لَهُ مِثْلَ نَصِيبِ بِنْتِ الِابْنِ فَعَدَّهُ أَيْ وَلَدَ الْوَلَدِ وَلَدًا اهـ.
فَذَكَرَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْأَوْلَادَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّ مَعَ الْبِنْتِ وَبِنْتِ الِابْنِ عَصَبَةً فَأَيُّ قَرِينَةٍ عَلَى شُمُولِ الْأَوْلَادِ لِبِنْتِ الِابْنِ هُنَا؟ قُلْت: الْقَرِينَةُ مَوْجُودَةٌ هُنَا أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِ أَوْلَادِهِ وَلَا مَوْجُودَ لَهُ إلَّا وَلَدٌ وَوَلَدُ وَلَدٍ دَلَّ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ بِالْوَلَدِ فِي الْحَالَةِ الرَّاهِنَةِ مَا يَشْمَلُ وَلَدَ الْوَلَدِ، وَعَلَى أَنَّ مُرَادَهُ بِالْجَمْعِ فِي الْحَالَةِ الْمُتَرَقَّبَة مَا يَشْمَلُ الزَّائِدَ عَلَى الْوَاحِدِ بِفَرْضِ أَنْ يَأْتِيَ لَهُ وَلَدٌ أَوْ أَكْثَرُ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَحِينَئِذٍ فَهَذِهِ الْقَرِينَةُ فِي غَايَةِ الضَّعْفِ كَمَا تَرَى، وَقَدْ اكْتَفَى بِهَا الشَّافِعِيُّ فِي اسْتِعْمَالِ الْجَمْعِ فِي الِاثْنَيْنِ، وَفِي شُمُولِ الْوَلَدِ لِوَلَدِ الْوَلَدِ فَلْتَكْفِ الْقَرِينَةُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي صُورَةِ الْعُتَقَاءِ بِالْأَوْلَى، فَإِنْ قُلْت: مَا مَسَاغُ الْحِكَايَةِ لِلْخِلَافِ عَنْ الشَّافِعِيِّ؟ قُلْت: اخْتِلَافُ نُصُوصِهِ وَكُتُبِهِ فَيَكُونُ الْقَاضِي نَقَلَ نَصًّا وَتِلْمِيذُهُ الْمُتَوَلِّي نَقَلَ نَصًّا آخَرَ فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ النَّقْلَيْنِ لِذَلِكَ كَمَا لَا تَنَافِيَ بَيْنَ الْمَنْقُولَيْنِ لِمَا قَدَّمْته فَإِنْ قُلْت: يُنَافِي مَا مَرَّ عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ مِنْ اعْتِبَارِ الْقَرِينَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَلَهُ وَلَدٌ وَأَوْلَادُ وَلَدٍ اخْتَصَّ بِهِ الْوَلَدُ عَلَى الْأَصَحِّ، فَلَمْ يَعْتَبِرُوا هُنَا الْقَرِينَةَ الْحَالِيَّةَ فَكَيْفَ اعْتَبَرَهَا ابْنُ الرِّفْعَةِ فِيمَا مَرَّ وَجَعَلَهَا مَحَطَّ جَوَابِهِ؟ قُلْت: عَدَمُ اعْتِبَارِ هَذِهِ الْقَرِينَةِ هُنَا غَيْرُ مُتَّفَقٍ عَلَيْهِ بَلْ اعْتَبَرَهَا بَعْضُهُمْ فَقَالَ يَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ: قَوْلُهُ: أَوْلَادِي قَرِينَةٌ دَالَّةٌ عَلَى إرَادَةِ وَلَدِ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِصِيغَةِ جَمْعٍ مَعَ فَقْدِهِ فِي أَوْلَادِهِ، فَكَانَ ذَلِكَ قَرِينَةً عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ مَا يَشْمَلُ وَلَدَ الْوَلَدِ حَتَّى عَبَّرَ بِالْجَمْعِ.
وَعَلَى الْأَصَحِّ يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذِهِ الصُّورَةِ وَصُورَةِ ابْنِ الرِّفْعَةِ بِمَا قَدَّمْت الْإِشَارَةَ إلَيْهِ مِنْ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لَمَّا كَانَ لَهَا قَاعِدَةٌ مُقَرَّرَةٌ، وَهِيَ إعْطَاءُ مِثْلِ أَقَلِّ الْأَنْصِبَاءِ اخْتَلَفَ الْحَالُ فِيهَا بِوُجُودِ الْأَوْلَادِ وَأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ الْوَارِثِينَ، فَأَثَّرَتْ الْقَرِينَةُ الَّتِي هِيَ التَّعْبِيرُ بِالْجَمْعِ فِيهَا بِخِلَافِ الْوَقْفِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ مِثْلُ تِلْكَ الْقَاعِدَةِ فَلَمْ يَكُنْ لِلَفْظِ الْجَمْعِ فِيهِ تَأْثِيرٌ فَأَعْمَلْنَا الْحَقِيقَةَ وَجَعَلْنَاهُ لِلْوَلَدِ، وَأَلْغَيْنَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute