للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَمَّنْ مَلَّكَ شَخْصًا حِصَّةً مُشَاعَةً مِنْ دُورٍ مُشْتَرَكَةٍ مُسْتَأْجَرَةٍ مُدَّةً طَوِيلَةً وَهِيَ مَشْغُولَةٌ بِأَمْتِعَةِ الْمُسْتَأْجِرِينَ وَأَذِنَ لَهَا فِي تَسَلُّمِهَا مَثَلًا فَهَلْ تَصِحُّ الْهِبَةُ وَيَتَوَقَّفُ الْقَبْضُ عَلَى إذْنِ الشَّرِيكِ فَإِنْ امْتَنَعَ أَجْبَرَهُ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: التَّمْلِيكُ الْمَذْكُورُ صَحِيحٌ وَيَصِحُّ قَبْضُهُ إذَا خَلِيَتْ الدُّورُ الْمَذْكُورَةُ مِنْ أَمْتِعَةِ غَيْرِ الْمُتَّهَبِ، وَلَا يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى إذْنِ الشَّرِيكِ نَعَمْ إنْ امْتَنَعَ ذَوُو الْأَمْتِعَةِ مِنْ نَقْلِهَا أَمَرَ الْقَاضِي مَنْ يَنْقُلُهَا حَتَّى يَصِحَّ، وَأُجْرَةُ ذَلِكَ عَلَى الْمُتَّهَبِ هَذَا هُوَ قِيَاسُ كَلَامِهِمْ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) نَفَعَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِهِ عَمَّنْ سَلَّمَ لِزَوْجَتِهِ حُلِيًّا قَبْلَ وَطِئَهَا ثُمَّ اخْتَلَفَا فَادَّعَتْ مِلْكَهُ وَادَّعَى بَقَاءَهُ عَلَى مِلْكِهِ، وَمَا يُرْسِلُ بِهِ أَبُو الزَّوْجَةِ يَوْمَ ثَامِنِ التَّزْوِيجِ إلَى بَيْتِ بِنْتِهِ مِنْ مَطْعُومٍ وَمَلْبُوسٍ وَحَيَوَانٍ يَبْقَى وَيُتَوَلَّدُ، هَلْ تَمْلِكُهُ الْبِنْتُ أَوْ زَوْجُهَا وَمَا حُكْمُ النُّقُوطِ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: الْعِبْرَةُ فِي ذَلِكَ بِنِيَّةِ الدَّافِعِ فَإِنْ نَوَى فِي الْأَوَّلِ أَنَّهُ دَفَعَهُ لَهَا عَمَّا لَهَا عَلَيْهِ سَقَطَ مِمَّا لَهَا عَلَيْهِ مِنْ جِنْسِهِ بِقَدَرِهِ، فَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ رَجَعَ عَلَيْهَا بِهِ وَطَالَبَتْهُ بِمَا لَهَا عَلَيْهِ، إذْ لَا بُدَّ حِينَئِذٍ مِنْ شُرُوطِ الِاسْتِبْدَالِ، وَلَمْ تُوجَدْ فَإِنْ نَوَى الْقَرْضَ مَلَكَتْهُ مِلْكَ قَرْضٍ وَرَجَعَ عَلَيْهَا بِبَدَلِهِ أَوْ الْهَدِيَّةِ أَوْ الْهِبَةِ مَلَكَتْهُ بِشَرْطِ الْإِقْبَاضِ أَوْ الْإِذْنِ فِيهِ، وَكَذَا حُكْمُ مَا يُرْسِلُ بِهِ أَبُوهَا لِبَيْتِهَا، فَإِنْ نَوَاهَا أَوْ الزَّوْجَ عُمِلَ بِهِ، وَإِلَّا رَجَعَ إلَيْهِ.

وَالنُّقُوطُ أَفْتَى الْأَزْرَقِيُّ وَالنَّجْمُ الْبَالِسِيُّ بِأَنَّهُ قَرْضٌ فَيَرْجِعُ بِهِ دَافِعُهُ، وَخَالَفَهُمَا الْبُلْقِينِيُّ وَالْعَادَةُ الْغَالِبَةُ قَاضِيَةٌ بِأَنَّ أَحَدًا لَا يُعْطِي شَيْئًا مِنْهُ إلَّا بِقَصْدِ أَنْ يُدْفَعَ إلَيْهِ مِثْلُهُ إذَا عَمِلَ نَظِيرَ ذَلِكَ الْفَرَحِ، وَقَاعِدَةُ أَنَّ الْعَادَةَ مُحْكَمَةٌ تُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَمَّا إذَا أَرْسَلَ إنْسَانٌ إلَى بَلَدٍ مُعَيَّنَةٍ مَالًا لِيَتَصَدَّقَ بِهِ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ وَعَيَّنَ مِنْ ذَلِكَ لِقَاضِيهَا مِقْدَارًا مُعَيَّنًا مَثَلًا وَكَانَ مُتَوَلِّي قَضَاهَا فِي زَمَنِ الْإِرْسَالِ وَالتَّعْيِينِ شَخْصًا مَعْلُومًا وَلَمْ يَزَلْ مُتَوَلِّيًا بِهَا إلَى أَنْ وَصَلَ الْمَالُ الْمَذْكُورُ مَثَلًا وَوُضِعَ فِي حَاصِلٍ مَخْتُومٍ عَلَيْهِ بِخَتْمِ الْقَاضِي الْمَذْكُورِ مَثَلًا وَاسْتَمَرَّ مُدَّةً عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ وَرَدَ إلَى تِلْكَ الْبَلْدَةِ عَزْلُ الْقَاضِي الْمَذْكُورِ وَوِلَايَةُ غَيْرِهِ قَبْلَ قَبْضِ الْقَاضِي الْأَوَّلِ لِلْقَدْرِ الْمَذْكُورِ مِنْ الْمَالِ الْمَذْكُورِ، مَعَ إمْكَانِ ذَلِكَ قَبْلَ وُرُودِ الْعَزْلِ الْمَذْكُورِ، وَمَعَ اطِّرَادِ الْعَادَةِ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ بِأَنَّهُ مَهْمَا عُيِّنَ لِذَوِي الْوِلَايَاتِ الشَّرْعِيَّةِ مِنْ الصَّدَقَاتِ الَّتِي هِيَ غَيْرُ مُسْتَمِرَّةٍ وَمَرْتَبَةِ الْوَارِدَةِ إلَى تِلْكَ الْبَلْدَةِ يُصْرَفُ ذَلِكَ لِمَنْ كَانَ مُتَوَلِّيًا يُبَاشِرُ تِلْكَ الْوَظِيفَةِ فِي زَمَنِ وُصُولِ تِلْكَ الصَّدَقَةِ.

وَأَمَّا الْمُرَتَّبَاتُ فَكُلُّ إنْسَانٍ يَأْخُذُ مِنْهَا بِقَدْرِ زَمَنِ مُبَاشَرَتِهِ لِتِلْكَ الْوَظِيفَةِ سَوَاءٌ وَصَلَتْ فِي زَمَنِ وِلَايَتِهِ أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ، فَهَلْ الْمُسْتَحِقُّ الْآنَ لِقَبْضِ الْقَدْرِ الْمُعَيَّنِ الْمَذْكُورِ الْقَاضِي الْأَوَّلُ أَمْ الْقَاضِي الثَّانِي؟ أَوْ لَا هَذَا وَلَا هَذَا؟ وَإِذَا كَانَ الْقَاضِي الثَّانِي قَدْ وَلَّاهُ الْقَضَاءَ وَلِيُّ الْأَمْرِ مِنْ بِلَادٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْبَلْدَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي زَمَنٍ هُوَ قَبْلَ زَمَنِ وُصُولِ مَالِ الصَّدَقَةِ إلَى الْبَلْدَةِ الْمَذْكُورَةِ، لَكِنَّهُ لَمْ يَصِلْ خَبَرُ وِلَايَتِهِ إلَيْهَا وَلَمْ يَبْلُغْ الْقَاضِيَ الْأَوَّلَ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ وُصُولِ الْمَالِ الْمَذْكُورِ بِمُدَّةٍ كَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُ ذَلِكَ فَهَلْ وُقُوعُ ذَلِكَ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ مَانِعٌ لِاسْتِحْقَاقِ الْقَاضِي الْأَوَّلِ لِلْقَدْرِ الْمُعَيَّنِ الْمَذْكُورِ اعْتِبَارًا بِتَقْدِيمِ زَمَنِ وِلَايَةِ الْقَاضِي الثَّانِي فِي الْبِلَادِ الْبَعِيدَةِ؟ أَوْ وُقُوعِ ذَلِكَ لَيْسَ بِمَانِعٍ لِاسْتِحْقَاقِ الْقَاضِي الْأَوَّلِ لِذَلِكَ اعْتِبَارًا بِمُبَاشَرَتِهِ وَنُفُوذِ قَضَائِهِ فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ لِعَدَمِ بُلُوغِهِ خَبَرَ الْعَزْلِ الْمَذْكُورِ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: بِاسْتِحْقَاقِ الْمَعْزُولِ لِأُمُورٍ مِنْهَا فِي الْمَطْلَبِ وَغَيْرِهِ وَلَوْ جَعَلَ الْوَاقِفُ التَّوْلِيَةَ لِلْأَفْضَلِ أَوْ الْأَرْشَدِ مِنْ ابْنَيْهِ وَاسْتَقَرَّتْ عَلَى وَاحِدٍ ثُمَّ حَدَثَ فِيهِمْ أَفْضَلُ مِنْهُ، لَمْ تَنْتَقِلْ إلَيْهِ وَهَذَا يَشْهَدُ لِاسْتِحْقَاقِ الْمَعْزُولِ؛ لِأَنَّهُمْ كَمَا نَظَرُوا لِلْمُتَّصِفِ بِالْأَفْضَلِيَّةِ حَالَ جَعْلِ الْوَاقِفِ وَلَمْ يَنْظُرُوا إلَى صَيْرُورَتِهِ مَفْضُولًا، كَذَلِكَ يُنْظَرُ حَالَ قَوْلِ الْمُتَصَدِّقِ لِلْمُتَّصِفِ بِالْقَضَاءِ.

وَإِنْ صَارَ بَعْدَ ذَلِكَ غَيْرَ مُتَّصِفٍ بِهِ، وَمِمَّا يَدُلُّ لَهُ أَيْضًا قَوْلُ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا: لَوْ أَوْصَى لِمَوَالِيهِ أَوْ وَقَفَ عَلَيْهِمْ لَمْ يَدْخُلْ مَنْ يَعْتِقُ بِمَوْتِهِ كَالْمُسْتَوْلَدَةِ وَالْمُدَبَّرِ، وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ الْمَوَالِي حَالَ الْوَصِيَّةِ، فَكَذَا يُعَلَّلُ بِنَظِيرِهِ فِي مَسْأَلَتِنَا فَيُقَالُ: الثَّانِي لَيْسَ بِقَاضٍ حَالَ قَوْلِ الْمُتَصَدِّقِ فَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>