للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَحَدَثَ أَخٌ وَيُرَدُّ بِأَنَّ كَلَامَ ابْنِ النَّقِيبِ ضَعِيفٌ وَلَا شَاهِدَ لَهُ فِي الْقِيَاسِ عَلَى الْإِخْوَةِ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ بَيْنَ مَسْأَلَتِهِمْ وَمَسْأَلَةِ الْمَوَالِي؛ وَهُوَ أَنَّ إطْلَاقَ الْمَوَالِي عَلَى الْفَرِيقَيْنِ مِنْ الِاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ، وَقَدْ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى إرَادَةِ أَحَدَ مَعْنَيَيْهِ وَهِيَ الِانْحِصَارُ فِي الْوُجُودِ فَصَارَ الْمَعْنَى الْآخَرُ غَيْرَ مُرَادٍ.

وَأَمَّا عِنْدَ عَدَمِ الْقَرِينَةِ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِمَا احْتِيَاطًا أَوْ عُمُومًا عَلَى خِلَافٍ فِي ذَلِكَ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ، بِخِلَافِ الْوَقْفِ عَلَى الْإِخْوَةِ، فَإِنَّ الْحَقِيقَةَ وَاحِدَةٌ، وَإِطْلَاقُ الِاسْمِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنْ الْمُتَوَاطِئِ فَمَنْ صَدَقَ عَلَيْهِ هَذَا الِاسْمُ اسْتَحَقَّ مِنْ الْوَقْفِ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ عِنْدَ الْوَقْفِ إلَّا أَنْ يُقَيَّدَ بِالْمَوْجُودِينَ حَالَّةَ الْوَقْفِ فَيُتْبَعَ تَقْيِيدُهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: يُوقَفُ إلَى مُرَاجَعَةِ الْمُتَصَدِّقِ وَمِمَّا يَشْهَدُ لَهُ مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ غَنِيَّةٌ عَنْ الْبَيَانِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: بِاسْتِحْقَاقِ الْمُتَوَلِّي وَمِمَّا يَشْهَدُ لَهُ؛ قَوْلُهُمْ: لَوْ أَوْصَى لَعَبْدٍ وَهُوَ مِلْكُ زَيْدٍ فَبَاعَهُ ثُمَّ مَاتَ الْمُوصِي وَقَبِلَ الْعَبْدُ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِلْمُشْتَرِي دُونَ الْبَائِعِ، حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْقَسَامَةِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَبَنَاهُ هُنَا أَعْنِي فِي الْوَصِيَّةِ عَلَى أَنَّهَا لَمْ تُمَلِّكْ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَوْتَ فِي الْوَصِيَّةِ كَقَوْلِ الْمُتَصَدِّقِ: أَعْطُوا فُلَانًا كَذَا بِجَامِعِ أَنَّ سَبَبَ الْمِلْكِ فِي الْوَصِيَّةِ هُوَ الْمَوْتُ بِشَرْطِ الْقَبُولِ، وَسَبَبَهُ هُنَا قَوْلُ الْمُتَصَدِّقِ: أَعْطُوا بِشَرْطِ الْقَبْضِ، وَالْمَوْتُ هُنَا هُوَ السَّبَبُ الْأَوَّلُ إنَّمَا وَقَعَ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي، فَكَانَ هُوَ الْمُسْتَحَقَّ بِخِلَافِهِ فِي مَسْأَلَتِنَا، فَإِنَّ السَّبَبَ الْأَوَّلَ هُوَ قَوْلُ الْمُتَصَدِّقِ وَقَعَ فِي زَمَنِ وِلَايَةِ الْمَعْزُولِ.

وَمِمَّا يَشْهَدُ لِاسْتِحْقَاقِ الْمُتَوَلِّي أَيْضًا مَا رَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ فِيمَا لَوْ شُرِطَ النَّظَرُ لِحَاكِمِ الْمُسْلِمِينَ بِبَلَدِ كَذَا فَنَصَّبَ الْقَاضِي وَاحِدًا ثُمَّ مَاتَ أَوْ انْعَزَلَ، مِنْ أَنَّ الْمَنْصُوبَ يَنْعَزِلُ بِمَوْتِ الْقَاضِي الَّذِي نَصَّبَهُ وَانْعِزَالِهِ وَيَعُودُ النَّظَرُ فِيهِ إلَى الْقَاضِي الْجَدِيدِ؛ لِأَنَّ النَّظَرَ آلَ إلَيْهِ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ النَّائِبَ إنَّمَا انْعَزَلَ هُنَا لِانْعِزَالِ مَنْ نَابَ عَنْهُ فَهُوَ فَرْعٌ، وَالْفَرْعُ لَا يُمْكِنُ بَقَاؤُهُ بَعْد زَوَال الْأَصْل وَلَا كَذَلِكَ فِي مَسْأَلَتنَا.

وَمِمَّا يَشْهَد لِاسْتِحْقَاقِهِ أَيْضًا قَوْلُ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرهمَا: لَوْ قَالَ لَا أَرَى مُنْكَرًا إلَّا رَفَعَتْهُ إلَى الْقَاضِي وَلَمْ يُعَيِّنْ أَحَدًا بِلَفْظِهِ وَلَا نِيَّتِهِ اخْتَصَّ بِقَاضِي الْبَلَد حَمْلًا لَهُ عَلَى الْمَعْهُود، وَهَلْ يَتَعَيَّن قَاضِي الْبَلَد فِي الْحَال لِأَنَّهُ الْمَعْهُودُ؟ أَمْ يَقُومُ مَقَامَهُ مَنْ يُنَصَّبُ بَعْدَهُ وَجْهَانِ أَوْ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا فِي الرَّوْضَة وَالثَّانِي قَالَ الرَّافِعِيُّ: حَمْلًا لِلْأَلِفِ وَاللَّام عَلَى تَعْرِيفِ الْجِنْس أَيْ: جِنْسِ قَاضِي الْبَلَد، فَلَوْ عَزَلَ الْأَوَّلَ وَوَلَّى غَيْرَهُ بَرَّ بِالرَّفْعِ إلَى الْمُتَوَلِّي دُونَ الْمَعْزُولِ، وَهَذَا فِيهِ دَلَالَةٌ قَوِيَّةٌ، بَلْ صَرِيحَةٌ عَلَى اسْتِحْقَاق الْمُتَوَلِّي فِي مَسْأَلَتنَا دُونَ الْمَعْزُول، وَقَدْ يُمْكِن تَمَحُّلُ فَرْقٍ لَا يَسْلَم مِنْ نِزَاعٍ، فَيَنْبَغِي إمْعَانُ النَّظَر فِي كُلِّ ذَلِكَ سِيَّمَا هَذَا الْآخَرُ، فَإِنَّهُ قَدْ يُدَّعَى أَنَّهُ نَصٌّ فِي الْمَسْأَلَةِ قَاطِعٌ لِلنِّزَاعِ، فَحِينَئِذٍ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُقَال: إنْ اطَّرَدَتْ عَادَةٌ وَكَانَ الْمُتَصَدِّق مِنْ أَهْلِهَا وَلَمْ يُمْكِنْ مُرَاجَعَةُ الْمُتَصَدِّقِ، أَوْ رُوجِعَ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ عَمِلَ بِهَا، وَإِلَّا اسْتَحَقَّهُ الْمُتَوَلِّي عَمَلًا بِهَذَا الْفَرْع الْأَخِيرِ لِقُوَّةِ دَلَالَتِهِ بَلْ صَرَاحَتِهَا فِي ذَلِكَ.

(سُئِلَ) عَمَّنْ وَهَبَ لِوَلَدِهِ عَيْنًا فَمَرِضَ الْوَلَدُ فَهَلْ لِلْأَبِ الرُّجُوعُ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: نَعَمْ لَهُ الرُّجُوعُ خِلَافًا لِمَنْ أَفْتَى بِعَدَمِهِ لِثُبُوتِهِ لَهُ مَا بَقِيَ الْمَوْهُوبُ فِي وِلَايَةِ الْمُتَّهَبِ، وَلَا نَظَرَ لِمَا يُتَخَيَّلُ مِنْ تَعَلُّقِ حَقِّ الْوَرَثَةِ بِهِ بِالْمَرَضِ، وَفَارَقَ تَعَلُّقَ الْغُرَمَاءِ بِهِ عِنْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ بِعَدَمِ مُزَاحَمَةِ أَحَدٍ لِلْأَبِ الْآنَ؛ إذْ الْوَرَثَةُ لَا حَقَّ لَهُمْ إلَّا بِالْمَوْتِ، بِخِلَافِ الْغُرَمَاءِ فَإِنَّ حَقَّهُمْ تَعَلَّقَ بِهِ بِمُجَرَّدِ الْحَجْرِ.

(وَسُئِلَ) بِمَا صُورَتُهُ اخْتَلَفَ مَنْ بِيَدِهِ عَيْنٌ هُوَ وَوَاهِبُهَا لَهُ أَوْ وَارِثُهُ فِي الْإِذْنِ فِي الْقَبْضِ أَوْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ وَادَّعَى أَحَدُهُمَا الرُّجُوعَ فَمَنْ الْمُصَدَّقُ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: يُصَدَّقُ الْوَاهِبُ أَوْ وَارِثُهُ فِي عَدَمِ الْإِذْنِ فِي الْقَبْضِ، وَكَذَا إنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا الرُّجُوعَ عَنْهُ مَا لَمْ يَكُنْ بِيَدِ الْمُتَّهَبِ فَإِنَّهُ الْمُصَدَّقُ حِينَئِذٍ، فَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَبَضَ عَنْ جِهَةٍ أُخْرَى كَوَدِيعَةٍ، أَوْ عَارِيَّةٍ صُدِّقَ الْمُتَّهَبُ أَيْضًا، كَمَا فِي اخْتِلَافِ الْمُرْتَهِنِ وَالرَّاهِنِ، لَكِنَّ لَهُمَا تَحْلِيفَهُ.

(سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ دَفَعَ لِزَوْجَتِهِ مَبْلَغًا وَقَالَ: اشْتَرِ بِهِ جَارِيَةً لِلْخِدْمَةِ، فَزَادَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى الْمَبْلَغِ مِنْ عِنْدِهَا وَاشْتَرَتْ الْجَارِيَةَ لِنَفْسِهَا، ثُمَّ أَنَّ الزَّوْجَ وَطِئَ الْجَارِيَةَ فَحَمَلَتْ، فَأَتَى وَمَعَهُ رَجُلٌ آخَرُ إلَى شَخْصٍ يَسْأَلُهُ عَنْ الْحُكْمِ فِي ذَلِكَ، وَاعْتَرَفَ فِي سُؤَالِهِ: بِأَنَّ الْجَارِيَةَ مِلْكٌ لِزَوْجَتِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>