للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٥ - إذا نوى المسافر الإقامة المطلقة أو الاستيطان: إذا نوى المسافر الإقامة المطلقة في البلد الذي سافر إليه دون أن يقيد ذلك بزمن معين أو عمل معين، وكذلك إذا نوى اتخاذ هذه البلد وطناً له، فإنه يلزمه إتمام الصلاة؛ لأنه قد انقطع حكم السفر في حقه. فإذا قيد السفر بزمن معين ينتهي، أو عمل ينقضي، فإنه مسافر يقصر الصلاة.

ثانياً: الجمع بين الصلاتين، وفيه مسائل:

[المسألة الأولى: في مشروعية الجمع بين الصلاتين، ومن يباح له ذلك]

يباح بالسفر الذي تقصر فيه الصلاة الجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء في وقت إحداهما؛ لحديث معاذ: (أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان في غزوة تبوك إذا ارتحل قبل زيغ الشمس أَخَّرَ الظهر حتى يجمعها إلى العصر يصليهما جميعاً، وإذا ارتحل بعد زيغ الشمس صلى الظهر والعصر جميعاً ثم سار. وكان يفعل مثل ذلك في المغرب والعشاء) (١). وسواء أكان سائراً أم نازلاً؛ لأنها رخصة من رخص السفر فلم يعتبر فيها وجود السير كسائر رخصه. إلا أن الأفضل للنازل عدم الجمع؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يجمع بمنى وقد كان نازلاً.

ويباح الجمع لمقيم مريض يلحقه بتركه مشقة؛ لقول ابن عباس: (جمع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف ولا مطر) وفي رواية (من غير خوف ولا سفر) (٢) فلم يبق إلا عذر المرض، ولأنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (أمر المستحاضة بالجمع بين الصلاتين). والاستحاضة نوع من المرض، وقد قيل لابن عباس في الحديث الماضي: لمَ فعل ذلك؟ قال: (كي لا يُحرِجَ أمَّتَه). فمتى لحق الإنسان مشقة وحرج بترك الجمع جاز له الجمع، مريضاً كان


(١) رواه أبو داود برقم (١٢٠٨)، والترمذي برقم (٥٥٣)، وقال: حسن غريب. وصححه الألباني (الإرواء برقم ٥٧٨).
(٢) رواهما مسلم برقم (٧٠٥) ٤٩ - ٥٤.