للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الباب الثاني: النذور، وفيه مسائل]

[المسألة الأولى: تعريف النذر، ومشروعيته، وحكمه]

١ - تعريف النذر:

النذر لغة: الإيجاب، تقول: نذرت كذا إذا أوجبته على نفسك.

وشرعاً: إلزام مكلف مختار نفسه شيئاً لله تعالى.

٢ - مشروعية النذر وحكمه:

النذر مشروع بالكتاب والسنة والإجماع، كما سيأتي ذكره من الأدلة على ذلك.

وأما حكم النذر ابتداءً فإنه مكروه غير مستحب؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن النذر وقال: (إنه لا يردُّ شيئاً وإنما يستخرج به من الشحيح) (١)، ولأن الناذر يلزم نفسه بشيء لا يلزمه في أصل الشرع، فيحرج نفسه، ويثقلها بذلك، ولأنه مطلوب من المسلم فعل الخير بلا نذر.

إلا أنه إذا نذر فعل طاعة وجب عليه الوفاء به؛ لقوله تعالى: (وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ) [البقرة: ٢٧٠]، وقوله تعالى: (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا) [الإنسان: ٧]، ولحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: (من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه) (٢).

فقد مدح الله عز وجل الموفين بالنذر وأثنى عليهم، وأمر - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالوفاء به، فدل ذلك على أن النهي المتقدم عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنما هو للكراهة لا للتحريم، وأن المنهي عنه والمكروه هو ابتداء النذر والدخول فيه، وأما الوفاء به، وإنجازه لمن لزمه فواجب، وطاعة لله سبحانه. والنذر نوع من أنواع العبادة لا يجوز صرفه لغير الله تعالى، فمن نذر لقبر أو وليٍّ ونحوه، فقد أشرك بالله تعالى شركاً أكبر، والعياذ بالله.


(١) رواه البخاري برقم (٦٦٩٢)، ومسلم برقم (١٦٣٩)، واللفظ له.
(٢) رواه البخاري برقم (٦٦٩٦).