للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدوداً فلا تعتدوها، وحرَّم أشياء فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء رحمة لكم من غير نسيان فلا تبحثوا عنها) (١).

[المسألة الثانية: ما نص الشارع على حله، وإباحته]

والأصل في ذلك والقاعدة: أن كل طعام طاهر لا مضرة فيه فإنه مباح، والأطعمة المباحة على نوعين: حيوانات ونباتات؛ كالحبوب والثمار، والحيوانات على نوعين: برية وبحرية.

أولاً: الحيوان البحري: وهو كل حيوان لا يعيش إلا في البحر؛ كالسمك بأنواعه المختلفة وكذا غيره من حيوانات البحر، إلا ما فيه سُمٌّ فإنه يحرم للضرر، وكذا يحرم من طعام البحر ما كان مستخبثاً مستقذرا كالضفدع، مع ما جاء من النهي عن قتله، وكالتمساح؛ لكونه مستخبثاً، ولأن له ناباً يفترس به. لعموم قوله تعالى: (وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ) [الأعراف: ١٥٧] ويجوز أكل الحيوان البحري سواء صاده مسلم أو غيره، وسواء كان له شبه، يجوز أكله في البر أم لم يكن. والحيوان البحري لا يحتاج إلى تذكية؛ لقوله تعالى: (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ) [المائدة: ٩٦]. قال ابن عباس رضي الله عنهما: (ألا إن صيده: ما صيد، وطعامه: ما لفظ البحر) (٢). ولحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سأل رجل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: يا رسول الله، إنا نركب البحر، ونحمل معنا القليل من الماء، فإن توضأنا به عطشنا. أفنتوضأ بماء البحر؟ فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (هو الطَّهور ماؤهُ، الحلُّ ميتته) (٣).


(١) أخرجه الدارقطني في سننه (٤/ ١٨٤)، والبيهقي (١٠/ ١٢) وحسنه النووي كما نقله عنه الشيخ الفوزان (الملخص الفقهي ٢/ ٤٦٠).
(٢) أخرجه الدارقطني (٤/ ٢٧٠). وانظر تفسير ابن كثير (٣/ ١٨٩) عند الآية المذكورة.
(٣) أخرجه أبو داود (١/ ٦٤)، والنسائي برقم (٥٩)، وابن ماجه برقم (٣٨٦)، والترمذي برقم (٦٩) وقال: حسن صحيح، ومالك في الموطأ (ص ٢٠)، والحاكم في المستدرك (١/ ١٤٠) وغيرهم، وصححه الألباني (صحيح سنن النسائي رقم ٥٨).