للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٣ - اليمين الغموس: وهي اليمين الكاذبة التي تهضم بها الحقوق، أو التي يقصد بها الغش والخيانة، فصاحبها يحلف على الشيء وهو يعلم أنه كاذب، وهي كبيرة من الكبائر، ولا تنعقد هذه اليمين، ولا كفارة فيها؛ لأنها أعظم من أن تكفر، ولأنها يمين غير منعقدة، فلا توجب الكفارة كاللغو. وتجب التوبة منها، ورد الحقوق إلى أصحابها إذا ترتب عليها ضياع حقوق. وسميت هذه اليمين غموساً لأنها تغمس صاحبها في الإثم، ثم في نار جهنم عياذاً بالله. ودليل حرمتها قوله تعالى: (وَلَا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [النحل: ٩٤]، ولحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: (الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، واليمين الغموس) (١)، ولحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: (خمس ليس لهن كفارة: الشرك بالله، وقتل النفس بغير حق، وبَهْت مؤمن، ويمين صابرة (٢) يقطع بها مالاً بغير حق) (٣).

[المسألة الثالثة: كفارة اليمين وشروط وجوبها]

١ - كفارة اليمين: شرع الله عز وجل لعباده كفارة اليمين التي يكون بها تحلة اليمين والخروج منها، وذلك رحمة بهم، قال الله تعالى: (قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ) [التحريم: ٢] وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (من حلف على يمين، فرأى غيرها خيراً منها، فليأتها، وليكفر عن يمينه) (٤). وهذه الكفارة تجب على الشخص إذا حنث في يمينه، ولم يَفِ بموجبها.


(١) رواه الجخاري برقم (٦٢٩٨).
(٢) وهي اليمين الغموس، وسميت صابرة من الصبر، وهو الحبس والإلزام؛ لأن صاحبها يلزم بها ويحبس عليها، وتكون لازمة له من جهة الحكم.
(٣) أخرجه أحمد (٢/ ٣٦٢)، وحسَّنه الألباني (الإرواء رقم ٢٥٦٤).
(٤) أخرجه البخاري برقم (٦٧٢٢) ومسلم برقم (١٦٥٠) واللفظ له.