للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الباب الثاني: في الشهادات، وفيه مسائل]

[المسألة الأولى: في تعريفها، وحكمها، وأدلتها]

١ - تعريفها: الشهادة في اللغة: هي الخبر القاطع، مشتقة من المشاهدة؛ لأن الشاهد يخبر عما شاهده وعاينه.

والمراد بها عند الفقهاء: الإخبار بحق للغير على الغير في مجلس القضاء.

أو: هي الإخبار بما علمه الشاهد بلفظ خاص، وهو: أشهد أو شهدت، أو ما يقوم مقامهما.

٢ - حكمها: تَحَمُّل الشهادة في غير حق الله تعالى -يعني في حق الآدميين- فرض على الكفاية، إذا وجد من يقوم بذلك كفى عن الآخرين لحصول الغرض، وإن لم يوجد إلا من يكفي تعيَّن عليه؛ لقوله تعالى: (وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا) [البقرة: ٢٨٢].

وأما أداؤها وإثباتها عند الحاكم: ففرض عين على من تحملها متى دُعي إلى أدائها؛ لقوله تعالى: (وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آَثِمٌ قَلْبُهُ) [البقرة: ٢٨٣]، وهذا وعيد شديد لمن كتمها، فدل على فرضية أدائها على من تحملها، متى دعي إلى ذلك.

ويشترط لوجوب تحملها وأدائها: انتفاء الضرر عن الشاهد، فإن كان يلحقه من ذلك ضرر في عرضه أو ماله أو نفسه أو أهله، فلا يجب عليه؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لا ضرر ولا ضرار) (١).

٣ - أدلة مشروعيتها: دلَّ على مشروعية الشهادة الكتاب والسنة والإجماع. أما الكتاب فقوله تعالى: (وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا) [البقرة: ٢٨٢]، وقوله تعالى: (وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ) [الطلاق: ٢]. وقوله


(١) أخرجه الحاكم (٢/ ٥٧ - ٥٨) وصححه، ووافقه الذهبي. والبيهقي (٦/ ٦٩ - ٧٠) وصححه الألباني (الصحيحة رقم ٢٥٠).