لإقامة حد الزنى لا بد من إثبات وقوعه، ولا يثبت وقوعه إلا بأحد أمرين: الأمر الأول: أن يقر به الزاني أربع مرات، ولو في مجالس متعددة؛ فقد أخذ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - باعتراف ماعز والغامدية. وأما اشتراط الأربع: فلأن ماعزاً اعترف عند النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثلاث مرات فرده، فلما اعترف الرابعة أقام عليه الحد.
- ولا بد أن يصرح في إقراره بحقيقة الزنى والوطء، لاحتمال أنه أراد غير الزنا من الاستمتاع الذي لا يوجب حداً، فقد قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لماعز حين أقر عنده:(لعلك قَبَّلت أو غمزت؟) قال: لا. وكرر معه الاستيضاح عدة مرات حتى زال كل احتمال.
- ولا بد أن يثبت على إقراره حتى إقامة الحد، ولا يرجع عنه، فقد قرَّر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ماعزاً مرة بعد مرة، لعله يرجع عن إقراره، ولأن ماعزاً لما هرب أثناء رجمه قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (هلا تركتموه؟!)(١).
الأمر الثاني: أن يشهد عليه بالزنى أربعة شهود، لقوله تعالى:(لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ)[النور: ١٣]. وقوله:(فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ)[النساء: ١٥].
ويشترط لصحة شهادتهم عليه بالزنى شروط:
١ - أن يكون الشهود أربعة، للآيات المتقدمة، فإن كانوا أقل من أربعة لم تقبل.
٢ - أن يكونوا مكلفين -بالغين عاقلين-، فلا تقبل شهادة الصبيان والمجانين.
٣ - أن يكونوا رجالاً عدولاً، فلا تقبل شهادة النساء في حد الزنى، صيانة لهن وتكريماً، لأن الزنى فاحشة. ولا تقبل شهادة الفاسق أيضاً؛ لقوله تعالى:(وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ)[الطلاق: ٢] وقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا)[الحجرات: ٦].
(١) أخرجه الترمذي برقم (١٤٢٨)، وابن ماجه برقم (٢٥٥٤) وحسنه الترمذي. وقال الألباني: حسن صحيح (صحيح الترمذي رقم ١١٥٤).