للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الباب السابع: في اللعان، وفيه مسائل]

[المسألة الأولى: تعريف اللعان، ودليل مشروعيته، وحكمته]

١ - تعريف اللعان:

اللعان لغة: مصدر لاعَنَ، مأخوذ من اللعن وهو الطرد والإبعاد.

وشرعاً: شهادات مؤكدات بالأيمان، مقرونة باللعن من جهة الزوج وبالغضب من جهة الزوجة، قائمة مقام حد القذف في حق الزوج، ومقام حد الزنى في حق الزوجة. وسُمِّي اللعان بذلك؛ لقول الرجل في الخامسة: أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، ولأن أحدهما كاذب لا محالة، فيكون ملعوناً.

٢ - دليل مشروعية اللعان:

يستدل على تشريع اللعان بقوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ .. ) الآيات [النور: ٦ - ١٠].

وبحديث سهل بن سعد - رضي الله عنه - أن رجلاً من الأنصار جاء إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: يا رسول الله، أرأيت رجلاً وجد مع امرأته رجلاً أيقتله أم كيف يفعل؟ فأنزل الله في شأنه ما ذكر في القرآن من أمر المتلاعنين. فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (قد قضى الله فيك وفي امرأتك) قال: فتلاعنا في المسجد وأنا شاهد.

وفي رواية: فتلاعنا، وأنا مع الناس عند رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (١).

٣ - الحكمة من مشروعية اللعان:

والحكمة من مشروعية اللعان للزوج: ألاّ يلحقه العار بزناها، ويفسد فراشه، ولئلا يلحقه ولد غيره، وهو لا يمكنه إقامة البينة عليها في الغالب، وهي لا تقر بجريمتها، وقوله غير مقبول عليها، فلم يبق سوى حلفهما بأغلظ الأيمان، فكان


(١) متفق عليه: رواه البخاري برقم (٥٣٠٨)، ومسلم برقم (١٤٩٢).