للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا وإن صام المريض صح صيامه وأجزأه.

الثاني: السفر؛ فيباح للمسافر الفطر في رمضان، ويجب عليه القضاء؛ لقوله تعالى: (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) [البقرة: ١٨٤]. وقوله تعالى: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) [البقرة: ١٨٥].

ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لمن سأله عن الصيام في السفر: (إن شئت فصم، وان شئت فأفطر) (١). وخرج إلى مكة صائماً في رمضان، فلما بلغ الكَدِيد أفطر، فأفطر الناس (٢).

ويباح الفطر في السفر الطويل الذي يباح فيه قصر الصلاة (٣)، وهو ما يقدر بثمانية وأربعين ميلاً، أي: حوالي ثمانين كيلو متراً.

والسفر المبيح للفطر في رمضان هو السفر المباح، فإن كان سفر معصية أو سفراً يُراد به التحايل على الفطر، لم يبح له الفطر بهذا السفر.

وإن صام المسافر صَحَّ صومه وأجزأه، لحديث أنس - رضي الله عنه -: (كنا نسافر مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فلم يعب الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم) (٤). ولكن بشرط ألا يشق عليه الصوم في السفر، فإن شقَّ عليه، أو أضَرَّ به، فالفطر في حقه أفضل؛ أخذاً بالرخصة؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رأى في السفر رجلاً صائماً قد ظُلِّلَ عليه من شدة الحر، وتجمع الناس حوله، فقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (ليس من البرِّ الصيام في السفر) (٥).

الثالث: الحيض والنفاس، فالمرأة التي أتاها الحيض أو النفاس تفطر في رمضان وجوباً، ويحرم عليها الصوم، ولو صامت لم يصح منها؛ لحديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: (أليس إذا حاضت لم تصلِّ ولم تصم؟


(١) صحيح البخاري برقم (١٩٤٣).
(٢) أخرجه البخاري برقم (١٩٤٤).
(٣) انظر: المغني (٣/ ٣٤).
(٤) أخرجه البخاري برقم (١٩٤٧).
(٥) رواه البخاري برقم (١٩٤٦).