للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكان يشرح بعض الكلمات المُبْهمة الواردة في المسند، مستأنسًا بأقوال علماء اللغة، وغريب الحديث؛ كأبي عبيد القاسم بن سلام (ت ٢٢٤ هـ)، والجوهري (ت ٣٩٣ هـ) (١)، وقد يأتي بشرح من عنده.

ثالثًا: أسلوب الحافظ ابن كثير في المسند:

تميّز أسلوب ابن كثير في (مسند الإمام أبي بكر الصديق وأيامه وأحكامه) بثقافته الواسعة، ومحفوظاته المتنوعة الكثيرة، وباختياره لمواضيعه الشائقة، والبساطة والسهولة في التعبير، والوضوح في المعنى، والعفوية الخالية من التصنع والتكلف في الجُمَلِ والكلمات، وبصياغته بعضَ النصوص بعبارات وألفاظ من عنده، وعدم نقلها حرفيًا.

وقد ظهرت شخصيته كفقيهًا في عرضه بعضَ المسائل الفقهية الخلافية، مثل: الصلاة عند التوبة، واستحباب تأخير السحور وجوازه ما لم يتحقق طلوع الشمس، وترك الأضحية، ومسألة نزول الله ﷿ في ليلة النصف من شعبان، فكان يعرض أقوال العلماء والفقهاء وآراءهم في هذه المسائل، ويدلّل بالحجة ويدعم بالنقول عن الأئمة وغيرهم من العلماء، ما يثبت القول الراجح فيها، وأخيرًا يدلي برأيه المستقل، بعيدًا عن التحيز والعصبية.

وقد استخدم ابن كثير بعض مختصرات صيغ الحديث في الأسانيد مثل: ثنا - أنا - أنبا، وهي بمعنى: حدثنا - أخبرنا - أنبأنا.


(١) الجَوْهَري هو: أبو نصر إسماعيل بن حمَّاد التركيّ، الأتراريّ، الجَوْهَرِيُّ، التَّابِعِيُّ، إمام اللغة والأدب، أصله من فاراب من بلاد التُرْك، كان خطاطًا، واشتغل بالتدريس، وكتابة المصاحف، سكن نيسابور، مات مُتَرَدِيًا من سطح دارِهِ بنيسابور عام (٣٩٣ هـ)، وقيل: في حدود عام (٤٠٠ هـ). سير أعلام النبلاء للذهبي (٣/ ١١١١)، شذرات الذهب لابن العماد (٣/ ٢٧٦).

<<  <   >  >>