الحمد لله المتفرد بوحدانيته والقائل في محكم آياته: ﴿إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: ٤٠] والصلاة والسلام على خير مخلوقاته والقائل في أحاديثه وكلماته: يا أبا بكر لا تبك، إن أمن الناس عليَّ في صحبته وماله أبو بكر، ولو كنت متخذًا خليلًا من أمتي لاتخذت أبا بكر، ولكن أخوة الإسلام ومودته، لا يبقين في المسجد باب إلا سد، إلا باب أبي بكر"، وعلى آله وأصحابه ومن اتبع أوامره وتوجيهاته، صلاة سرمدية إلى اليوم الذي تغشاه الرحمة بشفاعته.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كلام الله وأفضل الهدي هدي محمد ﷺ، وشرّ الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. ولقد دأب المسلمون منذ صدر الإسلام في الحفاظ على هدي النبي ﷺ من خلال جمع أحاديثه وروايتها حفظًا وكتابة وتدارسًا وإملاءًا ومن ثم ذبًا عن حياضه من الكذابين والوضاعين حتى أضحى المصدر الثاني للتشريع في الإسلام، وعلمًا قائمًا بذاته ومصادره وقواعده. ومن جملة تلكم الأحاديث النبوية ما رواها عنه أبو بكر الصديق ﵁ وهو من هو في مكانته وعلمه وقدره، فاهتم الحفاظ والمحدثون بحصر مروياته وجمع طرقها في كتاب خاص ومن أوائلهم