للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

والحقيقة التي لا مراء فيها أنَّ هذا العالم الفذ تميّز بصفات فريدة جعلته محبوبًا، مقربًا إلى قلوب شيوخه، وتلامذته، ومريديه، وجلسائه، وكل من عاصره واقترب منه؛ ولعل من أهمّ الصفات الطيبة التي لمُست فيه، واشتهر بها:

حرصه، وجدّه، واجتهاده في طلب العلم النافع المفيد، وأمانته في نقل كلام العلماء وآرائهم في كتبه ومصنفاته (١)، وحرصه على الالتزام بالحديث، والإحاطة بسنده، والسنة النبوية، والدعوة إلى اتباع منهج السَّلف، والدفاع عنه؛ ومن يتابع العلوم التي نَبغَ ومَهَرَ فيها ابن كثير يدرك مدى سعة علمه، واطلاعه، ومعارفه، وثقافاته المتعددة (٢).

ولا عجب أنه اشتهر باستقامة السلوك، والوَرَع، والزهد عن طيبات الدنيا، وحب العَدْلِ والإنصافِ مع المخالفين له في الرأي والمذهب؛ وزد على ذلك أنه كان واثقًا بنفسه، معتدًا بشخصيته دون تكبر وغرور (٣)؛ واتصف بطول الصبر والأناة (٤)، وتتجلى هاتان الصفتان بوضوح في الجهد الكبير الذي بذله في جمع وتأليف مصنفاته الضخمة دون كَلَلٍ أو مَلَلٍ، وهي: (جامع المسانيد والسنن) (البداية والنهاية)، وغيرها من الكتب.

وكان ابن كثير - أيضًا - طيب المعاشرة، رقيق الحاشية، ليِّن الجانب، حسَن المُفاكَهة (٥)، صادقًا في تعامله الناس، وقد شهد له بذلك جلساؤه ومن اختلط به من علماء البصرة وتلاميذه.


(١) الإمام ابن كثير وأثره في علم الحديث لآل شلش (ص: ٦٥).
(٢) ابن كثير الدمشقي للزحيلي (ص: ١٢٤).
(٣) الإمام ابن كثير وأثره في علم الحديث لآل شلش (ص: (٦٥).
(٤) الإمام ابن كثير وأثره في علم الحديث لآل شلش (ص: ١٨١).
(٥) درر العقود للمقريزي (١/ ٣١٣)، الدرر الكامنة لابن حجر (١/ ٢١٨).

<<  <   >  >>