كتاب مسند أبي بكر الصديق - لابن كثير

أحاديث الجهاد - أثر آخر - ص: 397

وقد رواه الحافِظ أبو بكر البُرقاني بإسناده على شرط البخاري عن طارق بن شهاب، قال: (جاء وَفْدُ بُزاخة من أَسَدٍ وغَطَفَانَ (١) إلى أبي بكر ﵁ يسألونَ (٢) الصُّلْحَ، فخيَّرَهُم بين الحرب المُجْليَةِ (٣) والسّلْمُ المُخْزِيةِ (٤)، فقالوا: "هذه المُجليةُ قد عرَفناها، فما المُخزيةُ؟ ". فقال أبو بكر: "نَنْزِعُ منكم الحَلَقة (٥) والكُرَاعَ (٦)، ونَغْنَم (٧) ما أصبنا منكم، وتَرُدُّونَ عليّنا ما أصبتم منا، وتُدُّونَ (٨) لنا قتلانا، ويكون قتلاكم في النَّار، وتتركونَ أقوامًا يَتَّبِعونَ أذنابَ الإِبلِ حتى يُرِيَ الله خليفة رسولِ اللهِ ﷺ والمُهاجرينَ أمرًا يَعْذِرُونَكم به". فَعَرَضَ أبو بكر ﵁ ما قال على القَوْم، فقال عُمر بن الخطاب: "قد رأيت رأيًا، وسَنُشِيرُ عليك: أمَّا

---

(١) بنو غطفان: هم بنو غطفان بن سعد بن قيس بن عيلأنَّ، بطن من قيس عيلأنَّ من العدنانية، كانت منازلهم بنجد مما يلي وادي القرى، وجبل طي، ثم تفرقوا في البلاد بعد الفتوحات الإسلامية. جمهرة أنساب العرب لابن حزم (ص ٢٥٥ - ٢٥٨)، نهاية الأرب للقلقشندي (ص: ٣٤٨)، أطلس الحديث النبوي لأبو خليل (ص: ٢٨٧).
(٢) كذا في الأصل، وفي جامع الأحاديث للسيوطي (حديث رقم ٣٠١) (١/ ١٢٣): (يسألونه).
(٣) المُجْلِيَّة: من جلا، وهي: المُخْرِجة عن الدَّار والمال، والجلاء: الخروج عن البلد. النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير، مادة (جلا) (١/ ٢٨٤) لسان العرب لابن منظور، مادة (جلا) (١٤/ ١٤٩).
(٤) المُخْزِيَّة: من خزا، وخزو، وهي: المُذِلّة المُهينة، وأخزاه الله: أبعده ومَقَتَه. معجم مقاييس اللغة لابن فارس، مادة (خزو) (ص: ٢٥١)، النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير، مادة (خزا) (١/ ٤٨٩).
(٥) الحَلْقَة: من حلق، وهو: السلاح عامًة، وقيل: هي الدروع خاصة. معجم مقاييس اللغة لابن فارس، مادة (حلق) (ص: ٢٢١)، النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير، مادة (حلق) (١/ ٤١٧).
(٦) الكُراع: من كرع، وهي: الخَيْل، وقيل: المال، وقيل: اسم يجمع الخيل والسلاح. معجم مقاييس اللغة لابن فارس، مادة (كرع) (ص: ٧٧٤)، النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير، مادة (كرع) (٢/ ٥٣٤)، تهذيب الأسماء للنووي، مادة (كرع) (٢/ ٥٤٥).
(٧) في الأصل: (نقيم)، وهو تصحيف، والصواب ما أثبتُّه من جامع الأحاديث للسيوطي (حديث رقم (٣٠١) (١/ ١٢٣).
(٨) تُدُّون: لم أقف على معناها في المصادر التي بين يديّ، وربما هي: تأدون الديَّة، والديَّة هي: المال الذي هو بَدل النفس، والجمع: دِيَّات، والديّة شرعًا: اسم للمال الواجب دفعه بسبب جناية على النفس أو ما دونها، وتنقسم إلى قسمين: ديّة مغلظة: وهي دية العَمد وشبه العمد، ودية مخففة: وهي ديّة القتل الخطأ. كتاب التعريفات للجرجاني (ص: ١٧٤).