فسارعت للذهاب إلى المكتبة، وسَعِدْتُ لرؤيتها كثيرًا، ووقفتُ أَتَمَعَنُ فيها، وأتصفَّحُ أوراقها، وأتلَمَّسُ جِلْدَتِها برهبةٍ، مُستشعرةَ العَصر الذي نُسِخت فيه، وعظمة المؤلف الذي نُقلت عنه، وجَلَالَة الشَّخصية التي رَوَت ما فيها؛ وقد كان - حَقًّا - شُعورًا لا يُوصَف.
وقد منحتني إدارة المكتبة - بعد ذلك مشكورةً - رسالةً تُثبت أحَقِّيتي في تحقيقها، وصُوَرًا إلكترونيةً لها؛ كانت البِذْرَة الأُولى لهذا البحث.
ورغم قِلَّةِ عِلمي، وزَادِي، ودِرَايَتي بهذا العِلْم الجليل، فقد أعجبتني فِكْرَة دراسة الحديث النَّبوي الشَّريف وتحقيقه، ومما زاد حمَاسِي هو أنني سأقضي وقتي - كله أو مُعظمه - في رِحَابِ السُنَّةِ النَّبويةِ الشَّريفة، وسأكون مع النَّبي ﷺ من خلال أحاديثه، ومع أبي بكر الصِّديق ﵁ من خلال آثاره ومَرْوِياتِهِ؛ وقد زادني هذا الشُعور هِمَّةً، وحماسًا، وتعلُّقًا بالمخطوطة.
لم يكن الخليفة أبو بكر الصديق ﵁ بالرَّجلِ العاديّ؛ فقد كان رجلًا عظيمًا من عظمة رسول الله ﷺ، وكان لفِقْه الصديق أهمية كبرى؛ وذلك لملازمته رسول الله ﷺ في حالِهِ وترحاله، ونقله عنه السُّنَّة النبوية كما عاشها، وسَمِعَها من النبي ﷺ؛ فقد كان الصاحب، والرفيق، والصَّدِيق الصَّدُوق له ﷺ، ولأنَّه أوَّل خليفةً للمُسلمين؛ فقد كان إمامهم وقُدْوَتُهم بعد وفاة النَّبي ﷺ: فكان خيرَ خَلَفٍ لخير سَلَفٍ.
كانت شخصيَّة الصحابي الجليل أبي بكر الصديق ﵁ - دومًا - تعجبني لمواقفه الجليلة، الكريمة مع رسول الله ﷺ، غير أنّي - في أثناء قراءتي للمسند وتحقيقي له - ازددتُ إعجابًا به، وإجلالًا له.
وقد صَدَقَ الصحابي الجليل حسان بن ثابت ﵁(ت ٥٠ هـ أو ٥٤ هـ) حين قال: