للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَالأَشَاعِرَةِ (١) فَتَرَكَ الوَعْظَ، وَاقْتَصَرَ عَلَى التَّدْرِيْسِ، وَمَتَّعَهُ اللهُ تَعَالَى بِسَمْعِهِ وَبَصَرِهِ، وَجَمِيْعِ جَوَارِحِهِ. قَالَ: وَقَرَأْتُ بِخَطِّهِ قَالَ: بَلَغْتُ الاثْنَتَيْ عَشَرَةَ سَنَةً، وَأَنَا فِي سَنَةِ الثَّمَانِيْنَ وَمَا أَرَى نَقْصًا فِي الخَاطِرِ، وَالفِكْرِ، وَالحِفْظِ، وَحِدَّةِ النَّظَرِ، وَقُوَّةِ البَصَرِ لِرُؤْيَةِ الأَهِلَّةِ الخَفِيَّةِ، إِلَّا أَنَّ القُوَّةَ بِالإِضَافَةِ إِلَى قُوَّةِ الشَّبِيْبَةِ وَالكُهُوْلَةِ ضَعِيْفَةٌ.

قُلْتُ: وَذَكَرَ ابنُ عَقِيْلٍ (٢)، في "فُنُوْنِهِ": قَالَ حَنْبَلِيُّ - يَعْنِي نَفْسَهُ -: أَنَا أَقْصُرُ بِغَايَةِ جَهْدِي أَوْقَاتَ أَكْلِي، حَتَّى أَخْتَارُ سَفَّ الكَعْكِ وَتَحَسِّيْهِ بِالمَاءِ عَلَى الخُبْزِ؛ لِأَجْلِ مَا بَيْنِهِمَا مِنْ تَفَاوُتِ المَضْغِ، تَوَفُّرًا عَلَى مُطَالَعَةٍ، أَو تَسْطِيْرَ فَائِدَةٍ، لَمْ أُدْرِكْهَا (٣).

قَالَ ابنُ الجَوْزِيِّ: وَكَانَ ابنُ عَقِيْلٍ قَوِيَّ الدِّيْنِ، حَافِظًا لِلْحُدُوْدِ، وَتُوُفِّيَ لَهُ وَلَدَانِ، فَظَهَرَ مِنْهُ مِنَ الصَّبْرِ مَا يُتَعَجَّبُ مِنْهُ، وَكَانَ كَرِيْمًا يُنْفِقُ مَا يَجِدُ، وَلَمْ يُخَلِّفْ سِوَى كُتُبِهِ وَثِيَابِ بَدَنِهِ، وَكَانَتْ بِمِقْدَارِ كَفَنِهِ، وَقَضَاءِ دَيْنِهِ.

وَقَالَ ابنُ عَقِيْلٍ: قَدِمَ عَلَيْنَا أَبُو المَعَالِيْ الجُوَيْنِيُّ "بَغْدَادَ" أَوَّلَ مَا دَخَلَ الغَزَّالِي (٤) فَتَكَلَّمَ مَعَ أَبِي إِسْحَقَ، وَأَبِي نَصْرٍ الصَّبَّاغِ، وَسَمِعْتُ كَلَامَهُ، ثُمَّ


(١) أَشَارَ المُؤلِّف إِلَى شَيْءٍ مِنْهَا في تَرْجَمَةِ الشَّرِيْفِ أَبِي جَعْفَرٍ وَغَيْرِهِ.
(٢) في (ط) الفَقِي: "ابنُ عَقْلٍ" خَطَأُ طِبَاعَةٍ.
(٣) ساقطٌ من (أ).
(٤) هكَذَا في (أ) و (ب) و (د) واسْتَشْكَلَهَا نَاسِخُ (ب) فَوَضَعَ عَلَيْهَا عَلَامَةً، وَفِي (ج) تَجَاوَزَهَا النَّاسِخُ فَقَالَ: "أَوَّلَ مَا دَخَلَ فَتَكَلَّمَ .. " وفِي (هـ): "الغِزُّ" ويَظْهَرُ أَنَّ هَذِهِ الأخِيْرَة هِيَ الصَّحِيْحَةُ. والدَّلِيْلُ عَلَى ضَعْفِ صِحَّة المُثبت "الغَزَالِيُّ" قَوْلُهُ بَعْدَ ذلِكَ: =