للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن تحريمها ثبت في حقهما وخطاب النواهي يتوجه إليها، فما ثبت في حق أحدهما ثبت في حق الآخر ولا نسلم أنها معصومة بل متى ظهرت حلت إراقتها ثم لو عصمها ما لزم تقويمها فإن نساء أهل الحرب وصبيانهم معصومون (من) غير متقومين.

وقولهم: (إنها مال عندهم ينتقض بالعبد المرتد فإنه مال عندهم. وأما حديث "عمر" فمحمول على أنه أراد ترك التعرض لهم وإنما أمر بأخذ عشر أثمانها، لأنهم لم ذا تبايعوا وتقابضوا حكمنا لهم بالملك ولم ننقضه. وتسميته أثمانًا مجاز كما سمى الله - تعالى - ثمن "يوسف" ثمنًا. فقال: {وشروه بثمن بخس .... } انتهى.

قال أبو العباس بن تيمية: وأهل الذمة إذا أظهروا الخمر فإنهم يعاقبون بإراقتها وشق ظروفها وكسر دنانها، وإن كنا لا نتعرض لهم إذا أسروا ذلك بينهم.

قال ابن مفلح: (وهذا ظاهر في إنكار المنكر المستور ولم نجد فيه خلافًا) انتهى.

وسيأتي الكلام على ذلك مكانه - في الباب الخامس - والله أعلم.

ثم قال ابن قدامة: (وأما قول الخرقي: وينهى عن التعرض لهم فيما لا يظهرونه فلأن كل ما اعتقدوا حله في دينهم مما لا أذى للمسلمين فيه من الكفر وشرب الخمر واتخاذه ونكاح ذوات المحارم لا يجوز لنا التعرض لهم فيه إذا لم يظهروه، لأننا التزمنا لم قرارهم عليه في دارنا فلا نعرض لهم فيما التزمنا تركه، وما أظهروه من ذلك تعين إنكاره عليهم فإن كان خمرًا جاز إراقته، وإن أظهروا صليبًا أو طنبورًا جاز كسره. وإن أظهروا كفرهم أدبوا على ذلك ويمنعون من إظهار ما يحرم على المسلمين).

قال ابن عبد القوي - في نظمه:

وإن جهر الذمي بالمنكرات في الشريعة يزجر دون محق ثم قال ابن قدامة - رحمه الله -: (فصل وإن غصب من ذمي خمرًا لزمه ردها، لأنه لا يقر على شربها وإن غصبها من مسلم لم يلزمه ردها ووجب إراقتها، لأن أبا طلحة سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم- عن أيتام ورثوا خمرًا فأمره بإراقتها).

وإن أتلفها أو تلفت عنده لم يلزمه ضمانها لأن ابن عباس روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال

<<  <   >  >>