للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال بعض السلف: ينبغي أن يكون أمرك بالمعروف والتأني والمداراة بشفقة منك عليه، ورحمة منك له، لعلك تستنقذة من النار، فبالرفق تنال ما تريد من خير الدنيا والآخرة.

وروي أبو محمد الخلال أنه قيل لإبراهيم بن أدهم: الرجل يري من الرجل الشيء ويبلغه عنه، أيقول له؟ فقال: هذا تبكيت، ولكن يعرض.

وقال عبد الله المأمون بن هارون الرشيد- إذا وعظه واعظ وعنف له في القول: يا رجل ارفق فقد بعث الله من هو حير منك إلي من هو شر مني، وأمر بالرفق. فقال-تعالى-: {فقولا له قولًا لَّينا لَّعلًّه يتذكر أو يخشي}.

فليكن إقتداء الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر في الرفق بالأنبياء - عليهم السلام-.

وروي ابن أبي الدنيا- بسنده- عن عبد الله بن المبارك، عن عبد العزيز بن أبي داود -رحمه الله- أنه قال: كان من قبلكم إذا رأي من أخيه شيئًا يأمره في رفق فيؤجر في أمره ونهيه، وإن أحد هؤلاء بخرق بصاحبه فيستغضب أخاه ويهتك ستره.

وقد روي أبو بكر بن أبي الدنيا بسنده- عن أبي سلمة، عن ثابت البناني أن صلة بن أشيم وأصخابه أبصروا رجلًا قد أسبل إزاره، فهم أصحابه أن يأخذوه بشدة. فقال: دعوني أنا أكفيكموه. فقال: أين يا أخي أم لي إليك حاجة. فقال: وما حاجتك يا عم؟ قال: أحب أن ترفع إزارك. فقال: نعم وكرامة. فرفع إزاره. فقال لأصحابه: لو أخذتموه بشدة لقال: لا أفعل ولا كرامة.

وعن محمد بن زكريا الغلابي. قال: (شهدت عبد الله بن محمد بن عائشة وقد خرج من المسجد بعد المغرب يريد منزله، وإذا في غلام من قريش سكران وقد قبض علي امرأة يجذبها فاستغاثت، فاجتمع الناس عليه يضربونه فنظر إليه ابن عائشة فعرفه. فقال للناس: تنحوا عن ابن أخي، ثم قال: إلي يا ابن أخي. فاستحي الغلام وجاء إليه فضمه إلي نفسه، ثم قال: امض معي فمضي معه حتي صار إلي منزله وأدخله الدار.

<<  <   >  >>