وقال تعالى:{فسقى لهما ثمَّ تولَّى إلى الظّل فقال ربّ إنّي ... }.
قال مقاتل: يدفعون ما سمعوا من الأذى والشتم من المشركين بالصفح والعفو {وممَّا رزقنهم ينفقُّون} أي في الطاعة {وإذا سمعوا اللَّغو أعرضوا عنه ... } أي القبيح من القول وذلك أن المشركين كانوا يسبون مؤمني أهل الكتاب ويقولون: "تبًا لكم تركتم دينكم فيعرضون عنهم ولا يردون عليهم"{ ... وقالوا لنا أعمالنا ولكم} أي لنا ديننا {ولكم أعمالكم} ولكم دينكم .. سلام عليكم.
أي سلام المتاركة ومعناه: سلمتم منا لا نعارضكم بالشتم القبيح { ... لا نبتغي الجاهلين} قيل: لا يريد أن يكون من أهل الجهل والسفه.
وقال تعالى:{ .. وإذا ما غضبوا هم يغفرون}.
قال ابن عباس: شتم رجل من المشركين أبا بكر فلم يرد عليه شيئًا فنزلة الآية. ومعناها: يكظمون الغيظ ويتجاوزون ويحلمون، وذلك من محاسن الأخلاق يطلبون ثواب الله- تعالى- فمدحهم بقوله:(وإذا ما غضبوا هم يغفرون).
وأنشد بعضهم:
إني غفرت لظالمي ظلمي ... ووهبت ذلك له على علمي
ما زال يظلمني وأرحمه ... حتى بكيت له من الظلم
وقال تعالى:{وجزؤا سيئةٍ سيئةٌ مثلها .. } سمى الجزاء سيئة وإن لم يكن سيئة، لتشابههما في الصورة. قال مجاهد والسدي هو جواب القبيح ثم ذكر- سبحانه- العفو فقال:{فمن عفا ... } أي ظالمه { .. وأصلح .. } بالعفو بينه وبينه { .. فأجره على الله .. }. وفي الخبر الآتي قريبًا: إنه ينادي يوم القيامة يقم من له أجر على الله فلا يقوم إلا من عفا في الدنيا.