يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية).
هذا لفظ الصحيحين وأحمد، وفي رواية البخاري قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم غنيمة بالجعرانة. إذ قال له رجل: اعدل. فقال له: لقد شقيت إن لم أعدل.
ولابن ماجه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجعرانة وهو يقسم التبر والغنائم. وهو في حجر بلال. فقال رجل: اعدل يا محمد فإنك لم تعدل. فقال: ويحك من يعدل إذا لم أعدل؟ فقال عمر: دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(إن هذا في أصحاب له يقرؤون القرآن) فذكره الرجل المبهم القائل هو ذو الخويصرة حرقوص بن زهير. وقيل: نافع التميمي. وقيل: عبد الله بن ذي الخويصرة. والله أعلم.
ومن أعظم ما ورد في عفوه وحلمه- صلى الله عليه وسلم- ما ثبت في الصحيحين، ومسند أحمد وسنن أبي داود من حديث أنس بن مالك- رضي الله عنه- أن امرأة يهودية أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة مسمومة ليأكل منها- فجيء بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألها عن ذلك؟ فقالت: أردت قتلك. فقال:(ما كان الله ليسلطك علي)"فقالوا: ألا تقتلها؟ قال: لا".
وروى نحوه البخاري وأحمد من حديث أبي هريرة.
وروى نحوه أبو داود من حديث محمد بن شهاب الزهري. قال:"كان جابر يحدث أن يهودية من خيبر سمت شاة مصلية، ثم أهدتها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ الذراع فأكل منها، وأكل رهط من أصحابه معه، ثم قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:(ارفعوا أيديكم) وأرسل إلى اليهودية فدعاها. فقال لها:(أسممت الشاة؟ ) قالت اليهودية: من أخبرك؟ قال:(أخبرتني هذه الذراع التي في يدي) قالت: نعم. قال:(فما أردت في ذلك؟ ) قالت: قلت إن كان نبيًا فلن يضره، وإن لم يكن نبيًا استرحنا منه، فعفا عنها، ولم يعاقبها، وتوفي أصحابه الذين أكلوا من الشاة".