للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأحاديث حلم رسول الله صلى الله عليه وسلم وعفوه عند المقدرة وإحسانه إلى من أساء إليه أكثر من أن يؤتى عليها، وكذلك أصحابه والتابعون وتابعوهم والصالحون.

وسب رجل أبا بكر الصديق- رضي الله عنه- فقال: ما ستر الله عنك أكثر.

ومر عيسى ابن مريم- عليه السلام- بقوم من اليهود فقالوا له شرًا. فقال لهم خيرًا. فقيل: إنهم يقولون شرًا، وأنت تقول خيرًا. فقال: كل أحد ينفق مما عنده.

وأنشدوا- في كان وكان-:

فكل شخص لسانوا ... من قدر قلبوا يغترف

إذا كان طيب فطيب ... وإن كان غيرو بان

(وقالوا: فلان في الورى لك شاتم ... وأنت له- في الناس- تثني وتمدح

فقلت: دعوه ما تعد خالصه ... فكل إنا بالذي فيه ينضح

وذكر أبو الفرج بن الجوزي، عن إبراهيم بن حمزة. قال: أتى عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- ببرود، فقسمها بين المهاجرين والأنصار، وكان فيها برد فاضل لها. فقال: إن أعطيته أحدًا منهم غضب أصحابه، ورأوا أني فضلته عليهم. فدلوني على فتى من قريش نشأ نشأة حسنة أعطيه إياها، فسموا له المسور بن مخرمة، فدعه إليه، فنظر إليه سعد بن أبي وقاص على المسور- رضي الله عنهما-. فقال: ما هذا؟ قال: كسانيه أمير المؤمنين. فجاء سعد إلى عمر. فقال: تكسوني هذا البرد، وتكسو ابن أخي مسورًا أفضل منه. قال له: يا أبا إسحاق إني كرهت أن أعطيه أحدًا منكم فيغضب أصحابه فأعطيته فتى نشأ نشأة حسنة، لا تتوهموا أني فضلته عليكم .. فقال سعد: فإني قد حلفت لأضربن بالبرد الذي أعطيته رأسك فخضع له عمر رأسه، وقال: عبدك يا أبا إسحاق وليرفق الشيخ بالشيخ فضرب رأسه بالبرد.

ودعا علي- رضي الله عنه- غلامًا فلم يجبه، فدعاه ثانية فلم يجبه، فقام إليه فرآه مضطجعًا. فقال: أما تسمع يا غلام؟ فقال: بلى. قال: فما حملك على السكوت. فقال: أمنت عقوبتك فتكاسلت فقال: امض فأنت حر لوجه الله.

وشتم رجل أبا ذر- رضي الله عنه- فقال: يا هذا لا تستغرق في شتمنا. ودع

<<  <   >  >>