للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي شعب الإيمان للبيهقي، عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: تغفلون عن أفضل العبادة التواضع.

وقد روي أن "أيا ذر" لما عير "بلاًلا" بسواده ندم فألقى نفسه، وحلف لا رفعت رأسي حتى يطأ "بلال"خدي بقدميه. فلم يرفع رأسه حتى فعل ذلك.

فعلماء الآخرة الآمرون بالمعروف الناهون عن المنكر يعرفون بسيماهم، في السكينة والذلة والتواضع.

وقد قيل، ما ألبس عبدًا لبسة أحسن من الخشوع في السكينة، فهي لبسة الأنبياء -صلوات الله عليهم- وسيما الصديقين والعلماء العاملين.

قال عمر بن الخطاب: تعلموا العلم وتعلموا للعلم السكينة والحلم والتواضع لمن تعلمون منه ولا تكونوا جبابرة العلماء فلا يقوم علمكم بجهلكم.

وأنشدوا:

كم من جاهل متواضع ستر التواضع جهله ... ومبرز في علمه هدم التكبر فضله

فدع التكبر ما حييت ولا تصاحب أهله ... إن التكبر للفتى عيب يقبح فعله

قال شيخ مشايخنا عبد القادر الكيلاني -قدس الله روحه- التواضع هو أن لا يلقى العبد أحدًا من الناس إلا رأى له الفضل عليه. ويقول: عسى أن يكون عند الله خيرًا مني. فإن كان صغيرًا قال: هذا لم يعص الله وأنا عصيت. وإن كان كبيرًا قال: عبد الله قبلي. وإن كان عالمًا قال: أعطي ما لم أبلغ، ونال ما لم أنل، وعلم ما جهلت وهو يعمل بعلم وما أدري ما يختم لي وله.

وإن كان كافرًا قال: لا أدري عسى يسلم هذا فيختم له بخير العمل، وعسى أن أكفر أنا فيختم لي بشر العمل. فإذا كان العبد كذلك سلمه الله من الغوائل، وبلغ به منازل النصيحة وكان من أصفياء الله -عز وجل- وأحبابه وكان من أعداء إبليس -لعنه الله عليه-.

وفي بعض الآثار: من أتاه الله زهدًا وتواضعًا وحلمًا وحسن خلق فهو إمام المتقين.

قال الحسن البصري -رحمه الله عليه- الحلم وزير العلم، والرفق أبوه والتواضع سر حاله.

<<  <   >  >>