وقال عروة بن الورد:(التواضع أحد مصايد الشرف. وكل نعمة محسود عليها صاحبها إلا التواضع). وقال يحيى بن خالد البرمكي: الشريف إذا تنسك تواضع والسفيه إذا انتسك تاه. وقال الحسن الزاهد: إذا رأى أحدًا قال: هذا أفضل مني، فذهب رحمه الله إلى أن الزهد هو التواضع.
وقال بعض السلف: إذا جمع العالم ثلاثًا تمت النعمة بها على المتعلم: الصبر والتواضع، وحسن الخلق. وقيل: خمس من الأخلاق هن من علامات علماء الآخرة الأمرون بالمعروف ومفهومة من خمس آيات: الخشية والخشوع، والتواضع، وحسن الخلق، وإيثار الآخرة على الدنيا وهو الزهد، أما الخشية فمن قوله تعالى:{إنما يخشى الله من عباده العلماء}.
وأما الخشوع فمن قوله تعالى:{خاشعين لله لا يشترون بآيات الله ثمنًا قليًلا}
وأما التواضع فمن قوله تعالى:{واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين}
وأما حسن الخلق فمن قوله تعالى:{فبما رحمة من الله لنت لهم}
وأما الزهد فمن قوله تعالى:{وقال الذين أتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن أمن}.
وروى البيهقي -في شعب الإيمان- بسنده- عن أحمد بن أبي الحواري- قال سمعت أبا سليمان الداراني - قدس الله روحه- يقول: إن الله -تعالى- اطلع في قلوب الآدميين فلم يجد قلبًا أشد تواضعًا من قبل موسى -عليه السلام- فخضه بالكلام لتواضعه.
قال البيهقي. وقال غير أبي سليمان: أوحى الله -تعالى- إلى الجبال، إني مكلم عليك عبدًا من عبيدي فتطاولت الجبال، ليكلمه عليها، وتواضع الطور، قال وإن قدر شيئًا كان. قال: فكلمه عليه لتواضعه.
وروي عن قيس بن أبي حازم قال: لما قدم عمر -رضي الله عنه- الشام فتلقاه علماؤها وعظماؤها وكبراؤها، قيل له: اركب بعير البرذون، ليراك الناس فقال: إنكم ترون الأمر من ههنا. إنما الأمر من ههنا وأشار بيده إلى السماء:" خلوا سبيلي".