١٦٥٢ - عن زيادِ بنِ الحارثِ الصدائيِّ قالَ: أَتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فبايعتُه على الإسلامِ، فأُخبرتُ أنَّه قد بعثَ جيشاً إلى قَومي فقلتُ: رُدَّ الجيشَ وأنا لكَ بإسلامِهم وطاعتِهم، ففعَلَ، فكتبَ إليهم، فأَتى وفدٌ مِنهم بإسلامِهم وطاعتِهم، فقالَ:«يا أَخا صُداءٍ إنَّكَ لَمُطاعٌ في قومِكَ»، قلتُ: بكَ هَداهم اللهُ، وأحسنَ إليهم، قالَ:«أوَلا نُؤمِّركَ عليهم؟» قلتُ: بَلى، فكتبَ لي بإمارَتي عَليهم، وسألتُه صدقاتِهم ففعلَ، وكتبَ بذلكَ كتاباً.
وكانَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في بعضِ أَسفارِه فنزلَ مَنزلاً فأَتاهُ أهلُ المنزلِ يشكونَ عامِلَهم وقَالوا: أخَذَنا بما كانَ بينَنا وبينَ قومِه في الجاهليةِ، فقالَ:«أوَ فعلَ؟»، فَقالوا: نَعم، فالتفتَ إلى أصحابِه وأنا فيهم فقالَ:«لا خيرَ في الإمارةِ لرجلٍ مؤمنٍ»، فوقعَ ذلكَ في نَفسي، ثم أتاهُ رجلٌ فسألَه فقالَ:«مَن سألَ الناسَ عن ظهرِ غِنى فصداعٌ في الرأسِ وداءٌ في البطنِ»، قالَ: فأعطِني مِن الصدقاتِ، فقالَ:«إنَّ اللهَ تعالى لم يرضَ في الصدقاتِ بحكمِ نبيٍّ ولا غيرِه حتى حكمَ فيها، فجزَّأَها ثمانيةَ أجزاءَ، فإنْ كنتَ مِنها أَعطيتُكَ حقَّكَ».
ثم إنَّ نبيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم اعتَشى مِن الليلِ، فلزمتُه، وجعلَ أصحابُه يتقطَّعونَ حتى لم يبقَ مَعه أحدٌ غَيري، فلمَّا عايَنَ أوانَ الصبحِ أمرَني، فأذَّنتُ ونزلَ فتبرَّزَ، وتلاحَقَ أصحابُه، ثم أقبلَ فقالَ:«أَمعكَ ماءٌ؟» فقلتُ: قليلٌ لا يَكفيكَ، فقالَ:«صُبَّه في إناءٍ ثم ائتِني به»، فأَتيتُه، فوضعَ كفَّه فيه فإذا بي كلُّ إصبعٍ مِن أَصابعِه عينٌ تفورُ، فقالَ: «يا أَخا صُداءٍ، لولا أَن أَستحي مِن ربِّي لَسقينا واستَقينا، نادِ في