[٨٧] مسندُ خُنافِر بنِ التوأمِ الحِميريَّ
١٦١٦ - عن ابنِ الكلبيِّ، عن أبيه قالَ: كانَ خُنافِرُ بنُ التوأمِ الحِميريُّ كاهناً، وكانَ قدْ أوتيَ بَسطةً في الجسمِ وسَعةً في المالِ، وكانِ عاتياً، فلمَّا وفدَت وفودُ اليمنِ على النبيِّ وظهرَ الإسلامُ أغارَ على إبلٍ لمرادٍ فاكتسحَها، وخرجَ بأهلِه ومالِه ولحقَ بالشِّحْرِ، فحالفَ جَوْدانَ بنَ يحيى الفِرْضِمي وكانَ سيداً منيعاً، ونزلَ بوادٍ مِن أوديةِ الشِّحْرِ مخصِباً كثيرَ الشجرِ مِن الأيكِ والعرينِ.
قالَ خُنافِرُ: وكانَ رَئِيِّي في الجاهليةِ لا يكادُ يتغيَّبُ عني، فلمَّا شاعَ الإسلامُ فقدتُه مدةً طويلةً وساءَني ذلكَ، قالَ: فبينا أنا ليلةً بذلكَ الوادي نائماً إذ هَوَى هَوِيَّ العُقابِ فقالَ: خُنافِر، فقلتُ: شِصار؟ فقالَ: اسمعْ أَقُلْ، قلتُ: قلْ أَسمعْ، فقالَ: عِهْ تغنمْ، لكلِّ مدةٍ نهايةٌ، وكلُّ ذي أمدٍ إلى غايةٍ، قلتُ: أجلْ، فقالَ: كلُّ دولةٍ إلى أجلٍ، ثم يتاحُ لها حِوَلٌ، انتُسخَت النِّحَلُ، ورجعتْ إلى حقائقِها المِللُ، إنَّك سَجِيرٌ موصولٌ، والنصحُ لك مَبذولٌ، وإنَّي آنستُ بأرضِ الشامِ نفراً مِن آلِ العُذامِ، حكَّاماً على الحكَّامِ، يَذْبُرون ذا رَونقٍ مِن الكلامِ، ليسَ بالشعرِ المؤلَّفِ، ولا السجْعِ المتكلَّفِ، فأصغيتُ فزُجرتُ، فعاودتُ فظُلفتُ، فقلتُ: بم تُهَيْنِمون وإلام تَعْتَزُون؟ قالوا: خطابٌ كُبُّارٌ، جاءَ مِن عندِ الملكِ الجبارِ، فاسمعْ يا شِصَارُ، عن أصدقِ الأخبارِ، واسلكْ أوضحَ الآثارِ، تنجُ مِن أُوارِ النارِ، فقلتُ: وما هذا الكلامُ؟ فقالوا: فُرقانٌ بينَ الكفرِ والإيمانِ، رسولٌ مِن مُضَرَ أهلِ المدرِ، ابتُعِثَ فظهرَ، فجاءَ بقولٍ قد بَهرَ، وأوضحَ نهجاً قد دثرَ، فيه مواعظُ لِمن اعتبرَ، ومَعاذٌ لِمن ازدجرَ، أُلِّفَ بالآي الكُبَرِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute