فشدَّ به رأسَه ودفَعَه إليه، قالَ:«اذهَب بِهما لا يَعصيانِكَ».
فقالَ له أصحابُه: هذانِ فحلانِ لا يَعقلانِ سَجدا لكَ، أفلا نَسجدُ لكَ؟ فقالَ:«لا، لا آمرُ أحداً أنْ يَسجدَ لأحدٍ».
أمالي ابن بشرن (٢٥٥) أخبرنا أبوعلي أحمد بن الفضل بن العباس بن خزيمة: حدثنا سعيد بن عثمان الأهوازي: حدثنا أبوعون الزيادي: حدثنا أبوعزة الدباغ، عن أبي يزيد، عن عكرمة، عن ابن عباس .. (١).
٣٠٣٢ - عن ابنِ عباسٍ قالَ: قدمَ ملوكُ حَضرموتَ على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: بنو وَليعة ومِخْوَس ومِشْرَح وأبْضَعَة وأختُهم العَمَرَّدة، وفيهم الأشعثُ بنُ قيسٍ وهو مِن أصغرِهم، فَقالوا: أَبيتَ اللعنَ، فقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«لستُ ملِكاً، أنا محمدُ بنُ عبدِاللهِ بنِ عبدِالمطلبِ»، قَالوا: لا نُسمِّيكَ باسمِكَ، قالَ:«لكنَّ اللهَ سمَّاني، وأَنا أبوالقاسمِ»، فَقالوا: يا أبا القاسمِ، إنا قدْ خبَّأْنا لكَ خَبيئاً فما هو؟ وكانَ خَبؤوا لرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم رِجلَ جرادةٍ وحَمِيتَ سمنٍ - قالَ: والحَميتُ الزِّقُّ الذي قد قُيِّرَ داخلُهُ – فقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إنَّما يُفعلُ ذاكَ بالكاهِنِ، وإنَّ الكاهنَ والكِّهانةَ والمُتكهِّنَ في النارِ»، فَقالوا: كيفَ نعلمُ أنَّكَ رسولُ اللهِ؟ قالَ: فأخذَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم كفّاً مِن حَصى فقالَ: «هذا يشهدُ أنِّي رسولُ اللهِ»، فسبَّحَ الحَصى في يدِه فقالَ: أشهدُ أنَّكَ رسولُ اللهِ.
فقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«إنَّ الذي بَعثني بالحقِّ أَنزلَ عليَّ كتاباً لا يأتيهِ الباطلُ مِن بينِ يدِه ولا مِن خلفِه، أثقلُ في الميزانِ مِن الجبلِ العظيمِ، في الليلةِ الظلماءِ في مثلِ نورِ الشهابِ»، قالَ: فأسمِعْنا مِنه، فتَلا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: {وَالصَّافَّاتِ صَفًّا (١) فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا}، حتى بلغَ:{وَرَبُّ الْمَشَارِقِ}[الصافات: ١ - ٥] ثم سكنَ
(١) المجمع (٩/ ٤ - ٥): رواه الطبراني وفيه أبوعزة الدباغ وثقه ابن حبان واسمه الحكم بن طهمان، وبقية رجاله ثقات.