للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

خير ذي يمن عليه مسحةُ مَلكٍ»، فطلعَ جريرُ بنُ عبدِاللهِ البجليِّ في أحدَ عشرَ راكباً مِن قومِهِ، فعلَّقوا رِكابَهم، ثم دَنوا فقالَ جريرٌ: السلامُ عَليكم يا معشرَ قريشٍ، أينَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ فقالَ نبيُّ اللهِ عليه السلام: «يا جريرُ، أَسلِمْ تَسلَمْ، إِن غلظَ القلوبِ والجفاءَ والحوبَ في أهلِ الوبرِ والصوفِ، يا جريرُ، إِنك لا تستحقُ حقيقةَ الإسلامِ ولا تستكملُ بُعدَ الإيمانِ حتى تدعَ عبادةَ الأوثانِ، يا جريرُ إِنِّي أُحذركَ الدُّنيا وحلاوةَ رِضاعِها ومرارةَ فِطامِها».

قالَ جريرٌ: يا رسولَ اللهِ، ادعُ اللهَ أَن يَشرحَ صَدري للإسلامِ، فقالَ: «اللهمَّ اشرحْ صدْرَه للإسلامِ ولا تجعَلْه مِن أهلِ الردةِ، ولا تُكثِرْ له فيَطغى، ولا تُملي له فيَنسى»، قالَ جريرٌ: فَما الذي أَتيتُ وإِني أُريد أَن أسألَكَ عنه؟ قالَ: «أَتيتَ وأَنتَ تُريدُ أَن تسأَلَني عن حقِّ الوالدِ على ولدِهِ، إنَّ مِن حقِّ الوالدِ على ولدِهِ أَن يخضَعَ له في الغضب وأَن يُؤثِرَه في الرِّضا، ومِن حقِّ الولدِ على والدِهِ أَن يُحسِنَ أَدَبه ولا يَجحدَ نسبَه، إنَّ المُكافِئَ ليسَ بالواصِلِ، إنِّما الواصلُ مَن إذا قطعتْ رحمُه وصَلَها»، فقالَ: وَالذي بعثَكَ بالحقِّ هَذا أردتُّ أَن أسألَكَ عَنه، ما أَردتُ أَن أسألَكَ عن شيءٍ غيرِه، أشهدُ أَن لا إله إلا اللهُ وأنَّك عبدُهُ ورسولُهُ.

قالَ: «أينَ تَنزلونَ يا جريرُ؟» قالَ: في أَكنافِ ببيشة بينَ سلمٍ وأراكٍ، وسهلٍ ودكداكٍ، وحموضٍ وغلاكٍ، ونخلةٍ وضالةٍ، وسدرةٍ وآءةٍ، ونجمةٍ وأمثلةٍ، شتاؤُنا ربيعٌ، وربيعُنا لسريعٌ، وماؤُنا منبعٌ، لا يقامُ ما تحتَها، ولا يحسرُ صاحبُها، ولا يعزبُ سارحُها، فقالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَما إنَّ خيرَ الماءِ الشبمُ، وخيرَ المالِ الغنمُ، وخيرَ المَرعى الأراكُ والسلمُ، إذا أَخلفَ كانَ لجيناً، وإذا أُكلَ كانَ لبيناً يسيراً، وإِذا سقطَ كانَ دريناً».

فقالَ جريرٌ: يا رسولَ اللهِ، أَخبرني عن السماءِ الدُّنيا والأرضِ السُّفلى، قالَ: «خلقَ اللهُ السماءَ الدُّنيا مِن الموجِ الملفوفِ، وحفَفَها بالنجومِ، وجعَلَها رُجوماً

<<  <  ج: ص:  >  >>