أَحسنُهم عملاً»، ثم قالَ:«يا ابنَ مسعودٍ» ثلاثَ مراتٍ، كلُّ ذلكَ أقولُ: لبيكَ يا رسولَ اللهِ، قالَ:«هل تَدري أيَّ المؤمنينَ أعلمُ؟» قلتُ: اللهُ ورسولُه أعلمُ، قالَ:«إذا اختلَفوا - وشبَّكَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَصابعَه - أبصرُهم بالحقِّ، وإنْ كانَ في عملِه تقصيرٌ، وإنْ كانَ يزحفُ على أستِهِ زحفاً».
ثم قالَ: «يا ابنَ مسعودِ - ثلاثَ مراتٍ - هل سمعتَ أنَّ بَني إِسرائيلَ افترقَتْ على اثنتينِ وسبعينَ فرقةً لم ينجُ مِنهم إلا ثلاثُ فرقٍ، فرقةٌ مِنهم قامتْ في الملوكِ والجبابرةِ بعدَ عيسى بنِ مريمَ فدعتْ إلى دينِ اللهِ ودينِ عيسى بنِ مريمَ عليهِ السلامُ (فقاتَلتْ حتى قُتلتْ، فلحقتْ باللهِ عزَّ وجلَّ فنجتْ)(١)، ثم قامتْ طائفةٌ أُخرى لم تكنْ لها قوةٌ بالقتالِ فقامتْ في المُلوكِ والجبابرةِ ودعتْ إلى دِينِ اللهِ ودينِ عيسى بنِ مريمَ عليهِ السلامُ فأُخذتْ فقُطعتْ بالمناشيرِ وحُرقتْ بالنيرانِ، فصبرتْ حتى لحقتْ باللهِ عزَّ وجلَّ فنجتْ، ثم قامتْ طائفةٌ أُخرى لم تكنْ لها قوةٌ بالقتالِ ولم تُطق القيامَ بالقِسطِ، فلحقتْ بالجبالِ فتعبَّدتْ وترهَّبتْ، فهم الذينَ ذكرَ اللهُ عزَّ وجلَّ فقالَ:{وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ} إلى {الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ} فهم الذين آمَنوا بي وصدَّقوني {وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ}[الحديد: ٢٧]. الذين لم يؤمِنوا بي ولم يصدِّقوني، وهم الذينَ لم يَرْعوها حقَّ رِعايتِها، وهم الذين فسَّقَهم اللهُ عزَّ وجلَّ».
١ - جزء الحسن بن رشيق العسكري (٩٢) حدثنا عبدالسلام بن أحمد بن سهيل البصري، وأمالي الشجري (٢/ ١٣٥، ١٤٧) أخبرنا أبوبكر محمد بن عبدالله بن ريذة قراءة عليه بأصفهان قال: حدثنا أبوالقاسم سليمان بن أحمد الطبراني قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن أبي حسان الأنماطي،
قالا (عبدالسلام بن أحمد وإسحاق الأنماطي): حدثنا هشام بن عمار قال:
(١) من جزء ابن رشيق، وفي رواية ابن بشران المعتمدة: فصبرت حتى لحقت بالله فنجت.