للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يا أميرَ المؤمنين، ثم اندفعَ باكياً وهو يقولُ: واللهِ لَليلةٌ مِن أبي بكرٍ ويومٌ خيرٌ مِن عُمُرِ عُمرَ، هَل لكَ أَن أُحدِّثَكَ بليلتِهِ ويومِهِ؟ قالَ: قلتُ: نَعم يا أميرَ المؤمنينَ.

قالَ: أمَّا ليلتُهُ فلمَّا خرجَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم هارباً مِن أهلِ مكةَ خرجَ ليلاً، فتبعَهُ أبوبكرٍ رضي اللهُ عنه، فجعلَ يَمشي مرةً أمامَهُ ومرةً خلفَهُ، ومرةً عن يمينِهِ ومرةً عن يسارِهِ، قالَ: فقالَ له رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «ما هَذا يا أبا بكرٍ؟ مَا أَعرفُ هذا مِن فِعلِكَ؟». قالَ: يا رسولَ اللهِ، أَذكُرُ الرَّصَدَ فأَكونُ أمامَكَ، وأَذكرُ الطَّلَبَ فأَكونُ خلفَكَ، ومرةً عن يمينِكَ، ومرةً عن يسارِكَ، لا آمَنُ عليكَ.

فمَشى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ليلتَه على أطرافِ أصابعِهِ حتى حَفيتْ رِجلاهُ، فلمَّا رَآها أبوبكرٍ أنَّها حَفيتْ حملَه على عاتقِهِ، وجعلَ يشتدُّ به حتى أَتى به فمَ الغارِ فأنزَلَه، ثم قالَ: وَالذي بعثَكَ بالحقِّ لا تدخُلُ حتى أَدخُلَه، فإنْ كانَ فيه شيءٌ نزلَ بي قبلَكَ، فدخلَ فلم يَرَ شيئاً، فحمَلَه وكانَ في الغارِ خرقٌ فيه حياتٌ وأَفاعي، فخشيَ أبوبكرٍ رضي اللهُ عنه أَن يخرجَ مِنهنَّ شيءٌ يُؤذي رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فألقَمَه قدمَه فجعَلْنَ تضربْنَهُ أو تلسَعْنَه الحياتُ والأَفاعي، وجعلَتْ دموعُهُ تتحادَرُ ورسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ له: «يا أبا بكرٍ لا تحزنْ إنَّ اللهَ معنا»، فأنزلَ اللهُ سَكينتَهُ وطُمأنينتَهُ لأبي بكرٍ، فهذه ليلتُهُ.

وأمَّا يومُهُ فلمَّا تُوفيَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وارتدَّت العربُ فقالَ بعضُهم: نُصلِّي ولا نُزكِّي، وقالَ بعضُهم: نُزكِّي ولا نُصلِّي، فأتيتُه ولا آلوهُ نصحاً فقلتُ: يا خليفةَ رسولِ اللهِ، تألَّف الناسَ وارفُقْ بِهم، فقالَ: جبارٌ في الجاهليةِ خوارٌ في الإسلامِ! فَبماذا أَتألفُهم أبشعرٍ مُفتعلٍ أم بشعرٍ مُفترى! قُبضَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم وارتفعَ الوحيُ، واللهِ لو مَنعوني عِقالاً مِما كانوا يُعطونَ رسولَ اللهِ لقاتلتُهم عليهِ، قالَ: فقاتَلْنا مَعه، فكانَ واللهِ رشيدَ الأمرِ، فهذا يومُهُ. وكتبَ إلى أبي موسى يلومُهُ.

وفي روايةِ المجالسةِ: عن ضبةَ بنِ مِحْصَن العَنَزيِّ قالَ: كانَ علينا أبوموسى

<<  <  ج: ص:  >  >>