لعَمرو بنِ العاصِ، ونَادى هو مِن خَلفي: أَتأذَنُ لحزبِ اللهِ، فسمعَ صوتَه فأَذنَ له مِن قبل، فدخَلَ هو وأصحابُهُ، ثم أَذنَ لي فجلستُ، فذكرَ أينَ كانَ مقعدُهُ مِن السريرِ، قالَ: فذهبتُ حتى قعدتُ بينَ يَديهِ وجعلتُهُ خَلفي، وجعلتُ بينَ كلِّ رَجلينِ مِن أصحابِهِ رجلاً مِن أَصحابي.
فقالَ النَّجاشيُّ: نجروا - قالَ عُميرٌ: أي تكلَّموا - فقلتُ: إنَّ بأرضِكَ رجلاً ابنُ عمِّه بأرضِنا، وهو يزعمُ أَن ليسَ للناسِ إلا إلهٌ واحدٌ، وإنَّكَ إِن لم تقتُلْه وأصحابَه لم نَقطعْ إليكَ هذه النطفةَ أَنا ولا أحدٌ مِن أَصحابي أبداً، فقالَ جعفرٌ: صدقَ ابنُ عمِّي، وأَنا على دِينِهِ، وصاحَ صياحاً وقالَ: أوّه، حتى قلتُ: ما لابنِ الحبشيةِ لا يتكلَّمُ، ثم قالَ: أَناموسٌ مثلُ ناموسِ موسى؟ قالَ: ما يقولُ في عيسى بنِ مريمِ؟ قالَ: يقولُ: هو روحُ اللهِ وكلمتُهُ، فتناوَلَ شيئاً مِن الأرضِ، فقالَ: ما أَخطأَ في أمرِهِ مثلَ هذِهِ، فواللهِ لولا مُلكي لاتبعتُكم، وقالَ لي: ما كنتُ أُبالي أَن لا تأتيَني أنتَ ولا أحدٌ مِن أصحابِكَ، يا هَذا أنتَ آمِنٌ في أَرضي، فمَن ضربَكَ قتلتُهُ، ومَن سبَّكَ عزَّرتُه، قالَ لآذِنِه: مَتى استأذنَكَ هَذا فائذَنْ له إلا أَن أَكونَ عندَ أَهلي، فأخبِرْه أنِّي عندَ أَهلي، فإنْ أَبى فائذَنْ له.
فتفرَّقْنا ولم يكنْ أحدٌ أَلقاهُ أحبَّ إليَّ مِن جعفرٍ، فاستقبَلَني في طريقٍ مرةً، فنظرتُ خلفَهُ فلم أَرَ أحداً، ونظرتُ خَلفي فلم أَرَ أحداً، فدَنوتُ مِنه فقلتُ له: تعلَمُ أنِّي أشهدُ أَن لا إلهَ إلا اللهُ وأنَّ محمداً عبدُهُ ورسولُهُ، قالَ: فقد هَداكَ اللهُ فاثبُتْ، فتَرَكني وذهبَ، فأَتيتُ أَصحابي، وكأنَّما شهِدوهُ مَعي، فأَخذوا قطيفةً أو ثوباً فجَعَلوه عليَّ حتى غمُّوني بها، قالَ: وجعلتُ أُخرِجُ رَأسي مِن هذه الناحيةِ مرةً ومِن هَذه الناحيةِ مرةً حتى أَفلتُّ وما عليَّ قشرةٌ، فمَررتُ على حبشيةٍ فأخَذتُ قِناعَها فجعلتُ على عَورَتي، فأتَيتُ جعفراً فدخلتُ عليهِ، فقالَ: ما
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute