قالَ: فلمَّا خرجَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم جاءَ اليهوديُّ إلى رسولِ اللهِ، فقالَ لَه رسولُ اللهِ:«فاتَّبعْني»، قالَ اليهوديُّ: لا أَدعُ دِيني، ولكنْ لي ألفُ نخلةٍ فلكَ مِنها مئةُ وَسَقٍ أُأَودِّيهِ كلَّ عامٍ إليكَ وأَنا آمِنٌ على أَهلي ومَالي، فاكتبْ لي بذلكَ، فكتبَ لَه رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
فقالَ يوسفُ: فهو ذا ما يُؤخذُ مِنه غيرُهُ حتى الساعة مئة وَسَقٍ ما يُزادُ عليهِ.
وإنِّي لا أَدري ما أُكرمُكَ بِه إذا نزلتَ بِي لِمَا كُنتُم تَصنعونَ إلى مَن نزلَ بِكم، إلا حديثٌ أُحدِّثُكموه فاحفظْهُ مِني، إنَّ عبدَاللهَ بنَ سلامٍ كانَ معَ عثمانَ في الدارِ، فقالَ لعثمانَ: لو شئتَ خرجتُ ففثأتُ عنكَ الناسَ، فإنِّي خارج أَغنى عنكَ مِني عندكَ، قالَ: فقالَ لَه عثمانُ: فافعلْ، فخرجَ عبدُاللهُ بنُ سلامٍ، فلمَّا رآهُ الناسُ صاحُوا في وجهِهِ فَقالوا: الناموسُ الناموسُ - ثلاثَ مرارٍ - عبدُاللهِ بنُ سلامٍ، فقالَ لهم عليُّ بنُ أبي طالبٍ: أيُّها الناسُ، دَعوا عبدَاللهِ بنَ سلامٍ فليتكلَّمْ، فخُذوا مِن حديثِهِ ما شئتُم ودَعوا ما شئتُم، فتكلَّمَ فقالَ: أيُّها الناسُ، دَعوا عثمانَ لا تَقتُلوه خمسَ عشرَ ليلةً، فإنْ لم يمتْ أو يقتلْ إلى خمسَ عشرةَ ليلةً مِن ذي الحجةِ فقدِّموني فاضرِبوا عُنقِي، فقالَ الناسُ: الناموسُ الناموسُ عبدُاللهِ بنُ سلامٍ.
فأخذَ بِيديَ أَبي فقالَ: يا بنيَّ رُفعَ سلطانُ الدرةِ ووقعَ سلطانُ السيفِ، لا يَرجعُ عنهم إلى يومِ القيامةِ، ثم قالَ: إنَّ لهؤلاءِ القومِ سلطاناً لنْ يزولَ حتى تَزولَ الجبالُ حتى يتفرَّقوا فيما بينَهم، فإذا فَعَلوا ذلكَ خَرَجوا عصبةً بسَوادِ العراقِ يَخرجُ