فاتَني أمرٌ وأُحبُّ أَن أُدرِكَ شيئاً مِنه، فقالَ: واللهِ، إنِّي لأَمشي نحوَه وكانَ رجلاً خفيفاً حديدَ الوجهِ حديدَ البصرِ حديدَ اللسانِ إِذ خرجَ مِن بابِ المسجدِ يشتدُّ فقلتُ في نَفسي: ما لَه لعَنَه اللهُ؟ أكلُّ هَذا فرقَ مِني أَن أُشاتِمَه؟ إِذ قد سمعَ ما لم أَسمعْ، سمعَ صوتَ ضمضمِ بنِ زرعةَ بنِ عَمرو الغفاريِّ يصرخُ ببطنِ الوَادي قد جَدعَ بعيرَه وحوَّلَ رداءَهُ وشقَّ قميصَه وهو يقولُ: يا معشرَ قريشٍ، قد خرجَ محمدٌ في أصحابِهِ، ما أَراكم تُدركونَها، الغوثَ الغوثَ.
قالَ العباسُ: فشغَلَني عنه وشغَلَه عنِّي ما جاءَ مِن الأمرِ، وخَرجوا على كلِّ صَعبٍ وذَلولٍ، وأَظفرَ اللهُ عزَّ وجلَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ببدرٍ.
فقالتْ عاتكةُ بنتُ عبدِالمطلبِ في تَصديقِ رُؤياها وتكذيبِ قريشٍ لها حينَ أَوقعَ بهم رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: