فجاءَهم آتٍ فقالَ: إنَّ سعدَ بنَ عُبادةَ قد جلسَ على سريرِهِ في سَقيفةِ بَني ساعِدَةَ وحفَّ به ناسٌ مِن قومِهِ، فقالَ أبوبكرٍ: أَلا نأْتي هؤلاءِ فننظرَ ما عندَهم، فخرجَ يَمشي بينَ عمرَ بنِ الخطابِ وبينَ أبي عُبيدةَ بنِ الجراحِ، حتى إذا كَانوا عندَ أحجارِ الزيتِ من سوقِ المدينةِ ذكرَ الزُّهريُّ أنَّ رَجلينِ مِن الأنصارِ عُويمَ بنَ ساعدةَ ومعنَ بنَ عديِّ لَقياهم فَقالا: يا أصحابَ محمدٍ مِن المهاجرينَ الأوَّلينَ اجتَمِعوا فاقضُوا أَمرَكم، فإنَّه ليسَ وراءَنا خيرٌ.
قالَ الزُّهريُّ: وقد كانَ سبقَ لَهما مِن اللهِ ما لا أعلمُ، كانَ أحدُهما مِن الذينَ قالَ اللهُ عزَّ وجلَّ فيه: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة: ١٠٨]، وكانوا يتوضَّؤونَ المبطنة يَعني الاستجمارَ، وقالَ عن الآخَرِ شيئاً ما أَدري ما هو.
فمَضى أبوبكرٍ رضي اللهُ عنه ومَن مَعه حتى جاءَ سقيفةَ بَني ساعِدَةَ، فإذا سعدُ بنُ عُبادةَ على سريرٍ وعندَه ناسٌ مِن قومِهِ، فقالَ حُبابُ بنُ المنذرِ بنِ الجَموحِ أخو بَني سلمةَ: أَنا الذي لا يُصطَلى بِناري ولا ينامُ الناسُ في شِعاري، نحنُ أهلُ الحلقةِ وأهلُ الحصونِ، مِنا أميرٌ ومِنكم أميرٌ، فذهبَ ليتكلَّمَ، فضربَ أبوبكرٍ في صدرِهِ فقالَ: أَنصِتْ، قالَ: لا أَعصيكَ في يومٍ مرَّتينِ، فتكلَّمَ أبوبكرٍ رضي اللهُ عنه، فحمدَ اللهَ وأَثنى عليهِ ثم ذكرَ الأنصارَ وما هم له أهلٌ مِن السابقةِ والفَضيلةِ، ثم قالَ: إنَّا أوسطُ العربِ داراً، وأَكبرُها أَنساباً، وإنَّ العربَ لن تعرفَ هذا الأمرَ لأحدٍ سِوانا، ولا أحدٌ أَولى مِنا برسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في النسبِ مِنا، فنحنُ الأُمراءُ وأَنتم الوُزراءُ، فقالَ سعدٌ: صدقتَ، فابسطْ يدَكَ نبايِعْكَ، فبسطَ يدَه فبايَعَهُ وبايَعَهُ الناسُ، وازدحَمَ الناسُ على البيعةِ فقالَ قائلٌ مِن الناسِ: قُتلَ سعدٌ، فقالُ عمرُ: قتلَه اللهُ، فرجَعَ أبوبكرٍ فجلسَ على المنبرِ وبايَعَه الناسُ يومَ الاثنينِ.
ودخلَ عليٌّ والزبيرُ بيتَ فاطمةَ بنتِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فجاءَ عمرُ فقالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute