١ - أن الله أوجب علينا اتباع رسوله، وهذا عام لمن كان في زمنه وكل من يأتي بعده. ولا سبيل إلى ذلك لمن لم يشاهد الرسول إلا عن طريق الأخبار فيكون الله قد أمرنا باتباع الأخبار وقبولها، لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
٢ - أنه لا بد من قبول الأخبار لمعرفة أحكام القرآن نفسه، فإن الناسخ فيه والمنسوخ لا يعرفان إلا بالرجوع إلى السُنَّةِ.
٣ - أن هنالك أحكاماً متفقاً عليها من الجميع حتى الذين يَرُدُّونَ الأخبار، ولم يكن من سبيل لمعرفتها إلا عن طريق الأخبار.
٤ - أن الشرع قد جاء بتخصيص القطعي بِظَنِّيٍّ، كما في الشهادة على القتل والمال باثنين، مع أن حرمة المال والدم مقطوع بهما. وقد قبلت فيهما شهادة الاثنين وهي ظنية بلا جدال.
٥ - أن الاخبار وإن كان فيها احتمال الخطأ والوهم والكذب، ولكن هذا الاحتمال - بعد التثبت والتأكد من عدالة الراوي، ومقابلة روايته بروايات أقرانه من المُحَدِّثِينَ - أصبح أقل من الاحتمال الوارد في الشهادات. خصوصاً إذا عضد الراوية نص من كتاب أو سُنَّةٌ، فإن الاحتمال يكاد يكون معدوماً.
خَامِساً - أن الشافعي - رَحِمَهُ اللهُ - لم يَتَعَرَّضْ في الجواب لقول الخصم: إن الله أنزل الكتاب تبياناً لكل شيء، إلا أن يكون نص القرآن على اتباع الرسول متضمناً إقراره وتشريعه لكل ما جاء عن الرسول، وهذا أحد وجوه خمسة للعلماء سنذكرها في الباب الثالث إن شاء الله تعالى.