العلماء نقلاً عن المعتزلة، فينسبها إلى هؤلاء العلماء أنفسهم، كما فعل فيما نقل عن ابن قتيبة، وبالجملة فإن أصحاب هذه المؤلفات والنصوص التي نسبها إليهم لا يلتقون معه في آرائه ونزعاته.
وأخطر من ذلك أنك بينما تراه ينسب إلى عمر الغفلة مع كعب الأحبار حين أخذ يخبره عن قُرب مقتله، يستدل بما نسب إلى عمر من يقظته حول أحاديث أبي هريرة لِيُشَكِّكَ فيها، وبينما تراه يتظاهر باحترام الأئمة والعلماء وَالمُحَقِّقِينَ، ينسب إليهم الغفلة والتقصير في التحقيق في السُنَّةِ على الأسلوب الذي يدعو إليه.
وأكثر من تَسَتَّرَ بأسمائهم وتظاهر بالنقل عنهم - تأييدًا منهم في زعمه لفكرته التي يدور حولها، كشيخ الإسلام ابن تيمية، والشيخ طاهر الجزائري والإمام محمد عبده، والسيد رشيد رضا - رَحِمَهُمْ اللهُ جَمِيعاً - لم يقل واحد منهم بما انتهى إليه، بل إنهم ليبرؤون جميعاً مِمَّا قاله، وخاصة من الكلام «البذيء» في حق أبي هريرة، ومن النتائج الخطيرة التي انتهى إليها بحثه.
ومن الملاحظ أنه أكثر من «ثبت» المصادر التي رجع إليها في بحثه، لِيُوهِمَ قُرَّاءَهُ بأهمية كتابه، ومنها كتب في التفسير والحديث والفقه، وعلوم القرآن وَالسُنَّةِ، ليس فيها كلمة واحدة من نتائج بحثه الذي انتهى إليه، وكلها تكذّبه في دعاويه، ومنها مصادر تاريخية ليست من المصادر التي يعتبرها العلماء مرجعا للتحقيق في تدوين السُنّة وَرُوَّاتِهَا وعلمائها، ومن المصادر التاريخية مصادر لا يوثق بها أبداً لدى جمهور المُحَقِّقِينَ، ومنها كتب في الأدب واللغة والنحو والشعر لا رابطة بينها وبين هذا الموضوع الخطير.
بقي أن نذكر المصادر الجديرة بالاهتمام عنده، وهي التي تدلنا على صحة «تحقيقه العلمي» ومصادر وحيه في هذا التحقيق - {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ}(١) وإليك هي: