للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البَكَالِيَّ (١) يَزْعُمُ أَنَّ مُوسَى صَاحِبَ الْخَضِرِ لَيْسَ مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَاس: كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ، أَخْبَرَنِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ قَالَ: «خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ، ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ مُوسَى وَالخَضِرَ بِشَيْءٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُوسَى صَاحِبَ الخَضِر» (٢) فابن عباس مع فقهه وورعه يثبت خبر أٌبَيْ عن رسول الله حتى يكذب به امرءاً من المُسْلِمِينَ، إذ حدثه أبَيْ بن كعب عن رسول الله بما فيه دلالة على أن موسى بني إسرائيل صاحب الخضر.

٢٦ - أخبرنا مسلم وعبد المجيد (*) عن ابن جريج أن طاووساً أخبره: «أنه سأل ابن عباس عن الركعتين بعد العصر فنهاه عنهما، قال طاوُوس: فقلت له: ما أدعهما، فقال له ابن عباس: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُبِينًا} (٣) فرأى ابن عباس الحُجَّةَ قائمة على طاوُوس بخبره عَنْ النَّبِيِّ، وَدَلَّهُ بتلاوة كتاب الله فرضاً عليه ألاَّ تكون الخيرة إذا قضى الله ورسوله أمراً، وطاوُوس حينئذ إنما يعلم قضاء رسول الله بخبر ابن عباس وحده، ولم يدفعه طاووس بأن يقول: هذا خبرك وحدك فلا أثبته عَنْ النَّبِيِّلأنه يمكن أن تنسى».

فإنْ قال قائل: «كره أنْ يقول هذا لابن عباس، فإنَّ ابن عباس أفضل من أنْ يَتَوَقَّى أحد أنْ يقول حقاً رآه، وقد نهاه عن الركعتين بعد العصر فأخبره أنه لا يَدَعَهُمَا قبل أنْ يُعْلِمَهُ أَنَّ النَبِيَّ نَهَى عَنْهُمَا.

٢٧ - سفيان عن عمرو عن ابن عمر قال: «كُنَّا نُخَابِرُ وَلاَ نَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا حَتَّى زَعَمَ رَافِعُ (هُوَ ابْنُ خَدِيجٍ) أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهَا فَتَرَكْنَاهَا مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ (٤).


(١) كانت أمه امرأة كعب الأحبار ويروي القصص وهو من التَّابِعِينَ من بني بكال. وهم بطن من حِمْيَرْ مات بين سَنَةِ ٩٠ وَسَنَةِ ١٠٠. هامش " الرسالة ": ص ٤٤٢.
(٢) وأخرجه البخاري ومسلم.
(٣) [سورة الأحزاب، الآية: ٣٦]، أخرجه البيهقي بتوسع وتفصيل، وعبد الرزاق وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي باختصار. اهـ. الهامش: ص ٤٤٤.
(٤) وقد ورد النهي عن المخابرة في " مسند أحمد ".